سورة الإنفطار: الآية 11 - كراما كاتبين...

تفسير الآية 11, سورة الإنفطار

كِرَامًا كَٰتِبِينَ

الترجمة الإنجليزية

Kiraman katibeena

تفسير الآية 11

ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله مُحِقون، بل تكذِّبون بيوم الحساب والجزاء. وإن عليكم لملائكة رقباء كراما على الله كاتبين لما وُكِّلوا بإحصائه، لا يفوتهم من أعمالكم وأسراركم شيء، يعلمون ما تفعلون من خير أو شر.

«كِراما» على الله «كاتبين» لها.

وأنتم لا بد أن تحاسبوا على ما عملتم، وقد أقام الله عليكم ملائكة كراما يكتبون أقوالكم وأفعالكم ويعلمون أفعالكم، ودخل في هذا أفعال القلوب، وأفعال الجوارح، فاللائق بكم أن تكرموهم وتجلوهم وتحترموهم.

كراما فلا تقابلوهم بالقبائح فإنهم يكتبون عليكم جميع أعمالكم .قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا علي بن محمد الطنافسي حدثنا وكيع حدثنا سفيان ومسعر عن علقمة بن مرثد عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين الجنابة والغائط فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بحرم حائط أو ببعيره أو ليستره أخوهوقد رواه الحافظ أبو بكر البزار فوصله بلفظ آخر فقال : حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة حدثنا عبيد الله بن موسى عن حفص بن سليمان عن علقمة بن مرثد عن مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى ثلاث حالات الغائط والجنابة ، والغسل فإذا اغتسل أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو بحرم حائط أو ببعيرهثم قال حفص بن سليمان لين الحديث وقد روي عنه واحتمل حديثه .وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا زياد بن أيوب حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي حدثنا تمام بن نجيح عن الحسن يعني البصري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من حافظين يرفعان إلى الله عز وجل ما حفظا في يوم فيرى في أول الصحيفة وفي آخرها استغفار إلا قال الله تعالى قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفةثم قال : تفرد به تمام بن نجيح وهو صالح الحديث .قلت وثقه ابن معين وضعفه البخاري وأبو زرعة وابن أبي حاتم والنسائي وابن عدي ورماه ابن حبان بالوضع . وقال الإمام أحمد لا أعرف حقيقة أمره .وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا إسحاق بن سليمان البغدادي المعروف بالقلوسي حدثنا بيان بن حمران حدثنا سلام عن منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله ملائكة يعرفون بني آدم وأحسبه قال ويعرفون أعمالهم فإذا نظروا إلى عبد يعمل بطاعة الله ذكروه بينهم وسموه وقالوا أفلح الليلة فلان نجا الليلة فلان وإذا نظروا إلى عبد يعمل بمعصية الله وذكروه بينهم وسموه وقالوا : هلك الليلة فلان "ثم قال البزار سلام هذا ، أحسبه سلام المدائني وهو لين الحديث .

وقوله : ( كِرَاماً كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) صفات أخرى لهؤلاء الملائكة .أى : وإن عليكم ملائكة من صفاتهم أنهم يحفظون أعمالكم ، ويسجلونها عليكم ، وأنهم لهم عند الله - تعالى - الكرامة والمنزلة الحسنة ، وأنهم يكتبون أعمالكم كلها .

"كراماً" على الله، "كاتبين"، يكتبون أقوالكم وأعمالكم.

كراما كاتبين أي علي ; كقوله : كرام بررة . وهنا ثلاث مسائل :الأولى : روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " أكرموا الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند إحدى حالتين : الخراءة أو الجماع ، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم حائط أو بغيره ، أو ليستره أخوه " . وروي عن علي - رضي الله عنه - قال : ( لا يزال الملك موليا عن العبد ما دام بادي العورة ) وروي ( إن العبد إذا دخل الحمام بغير مئزر لعنه ملكاه ) .الثانية : واختلف الناس في الكفار هل عليهم حفظة أم لا ؟ فقال بعضهم : لا ; لأن أمرهم ظاهر ، وعملهم واحد ; قال الله تعالى : يعرف المجرمون بسيماهم . وقيل : بل عليهم حفظة ; لقوله تعالى : كلا بل تكذبون بالدين وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون . وقال : وأما من أوتي كتابه بشماله وقال : وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ، فأخبر أن الكفار يكون لهم كتاب ، ويكون عليهم حفظة . فإن قيل : الذي على يمينه أي شيء يكتب ولا حسنة له ؟ قيل له : الذي يكتب عن شماله يكون بإذن صاحبه ، ويكون شاهدا على ذلك وإن لم يكتب . والله أعلم .الثالثة : سئل سفيان : كيف تعلم الملائكة أن العبد قد هم بحسنة أو سيئة ؟ قال : إذا هم العبد بحسنة وجدوا منه ريح المسك ، وإذا هم بسيئة وجدوا منه ريح النتن . وقد مضى في ( ق ) قوله : ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد زيادة بيان لمعنى هذه الآية . وقد كره العلماء الكلام عن الغائط والجماع ، لمفارقة الملك العبد عند ذلك . وقد مضى في آخر ( آل عمران ) القول في هذا .

( كِرَامًا كَاتِبِينَ ) يقول: كراما على الله كاتبين يكتبون أعمالكم.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: قال بعض أصحابنا، عن أيوب، في قوله: ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ) قال: يكتبون ما تقولون وما تَعْنُون.

كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) وأما وصف الكرم فهو النفاسة في النوع كما تقدم في قوله تعالى : { قالت يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم } في سورة النمل ( 29 ) .فالكرم صفتهم النفسية الجامعة للكمال في المعاملة وما يصدر عنهم من الأعمال ، وأما صفة الكتابة فمراد بها ضبط ما وكّلوا على حفظه ضبطاً لا يتعرض للنسيان ولا للإِجحاف ولا للزيادة ، فالكتابة مستعارة لهذا المعنى ، على أن حقيقة الكتابة بمعنى الخط غير ممكنة بكيفية مناسبة لأمور الغيب .وأما صفة العلم بما يفعله الناس فهو الإِحاطة بما يصدر عن الناس من أعمال وما يخطر ببالهم من تفكير مما يراد به عمل خير أو شر وهو الهَم .وما تفعلون } يعم كل شيء يفعله الناس وطريق علم الملائكة بأعمال الناس مما فطر الله عليه الملائكة الموكّلين بذلك .
الآية 11 - سورة الإنفطار: (كراما كاتبين...)