سورة الجن: الآية 9 - وأنا كنا نقعد منها مقاعد...

تفسير الآية 9, سورة الجن

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَٰعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلْءَانَ يَجِدْ لَهُۥ شِهَابًا رَّصَدًا

الترجمة الإنجليزية

Waanna kunna naqAAudu minha maqaAAida lilssamAAi faman yastamiAAi alana yajid lahu shihaban rasadan

تفسير الآية 9

وأنا كنا قبل ذلك نتخذ من السماء مواضع؛ لنستمع إلى أخبارها، فمن يحاول الآن استراق السمع يجد له شهابًا بالمرصاد، يُحرقه ويهلكه. وفي هاتين الآيتين إبطال مزاعم السحرة والمشعوذين، الذين يدَّعون علم الغيب، ويغررون بضعفة العقول؛ بكذبهم وافترائهم.

«وأنا كنا» أي قبل مبعثه «نقعد منها مقاعد للسمع» أي نستمع «فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا» أرصد له ليرمى به.

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْع فنتلقف من أخبار السماء ما شاء الله. فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا أي: مرصدا له، معدا لإتلافه وإحراقه، أي: وهذا له شأن عظيم، ونبأ جسيم.

وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك ; لئلا يسترقوا شيئا من القرآن ، فيلقوه على ألسنة الكهنة ، فيلتبس الأمر ويختلط ولا يدرى من الصادق ! وهذا من لطف الله بخلقه ورحمته بعباده ، وحفظه لكتابه العزيز ، ولهذا قال الجن : ( وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) أي : من يروم أن يسترق السمع اليوم يجد له شهابا مرصدا له ، لا يتخطاه ولا يتعداه ، بل يمحقه ويهلكه ،

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها أى من السماء مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ أى: كنا نقعد منها مقاعد كائنة للسمع، خالية من الحرس والشهب ...فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ بعد نزول القرآن، الذي هو معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم والذي آمنا به وصدقناه.يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً أى: فمن يجلس الآن ليسترق السمع من السماء يجد له شهابا معدا ومهيأ للانقضاض عليه فيهلكه.فالرصد: جمع راصد، وهو الحافظ للشيء، وهو وصف لقوله «شهابا» .والفاء في قوله: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ للتفريع على محذوف، وكلمة «الآن» في مقابل كلمة «كنا» الدالة على المحذوف..والتقدير: كنا نقعد منها مقاعد للسمع، فنستمع أشياء، وقد انقضى ذلك، وصرنا من يستمع الآن منا يجد له شهابا رصدا، ينقض عليه فيحرقه.والمقصود من هاتين الآيتين: تأكيد إيمانهم بالله- تعالى-، وبرسوله صلى الله عليه وسلم، وحض غيرهم على اتباعهم، وتحذيرهم من التعرض لاستراق السمع.قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهاتين الآيتين: «يخبر الله- تعالى- عن الجن حين بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن، وكان من حفظه له أن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا، وحفظت من سائر أرجائها، وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك، لئلا يسترقوا شيئا من القرآن، فيلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر ويختلط ولا يدرى من الصادق، وهذا من لطف الله بخلقه، ورحمته بعباده، وحفظه لكتابه العزيز، ولهذا قالت الجن: «وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا، وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع، فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا» أى: من يروم أن يسترق السمع اليوم يجد له شهابا مرصدا، لا يتخطاه ولا يتعداه، بل يمحقه ويهلكه» .وقال بعض العلماء: والصحيح أن الرجم كان موجودا قبل المبعث. فلما بعث صلى الله عليه وسلم كثر وازداد، كما ملئت السماء بالحرس والشهب. وليس في الآية دلالة على أن كل ما يحدث من الشهب إنما هو للرجم، بل إنهم إذا حاولوا استراق السمع رجموا بالشهب، وإلا فالشهب الآن وفيما مضى قد تكون ظواهر طبيعية ولأسباب كونية ...

( وأنا كنا نقعد منها ) من السماء ( مقاعد للسمع ) أي : كنا نستمع ( فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) أرصد له ليرمى به .قال ابن قتيبة : إن الرجم كان قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن لم يكن مثل ما كان بعد مبعثه في شدة الحراسة ، وكانوا يسترقون السمع في بعض الأحوال ، فلما بعث [ النبي - صلى الله عليه وسلم - ] منعوا من ذلك أصلا ثم قالوا :

قوله تعالى : وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا . منها أي من السماء ، و " مقاعد " : مواضع يقعد في مثلها لاستماع الأخبار من السماء ; يعني أن مردة الجن كانوا يفعلون ذلك ليستمعوا من الملائكة أخبار السماء حتى يلقوها إلى الكهنة على ما تقدم بيانه ، فحرسها الله تعالى حين بعث رسوله بالشهب المحرقة ، فقالت الجن حينئذ : فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا يعني بالشهاب الكوكب المحرق ; وقد تقدم بيان ذلك .ويقال : لم يكن انقضاض الكواكب إلا بعد مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آية من آياته . واختلف السلف هل كانت الشياطين تقذف قبل المبعث ، أو كان ذلك أمرا حدث لمبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال الكلبي وقال قوم : لم تكن تحرس السماء في الفترة بين عيسى ومحمد - صلوات الله عليهما وسلامه - خمسمائة عام ، وإنما كان من أجل بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - منعوا من السماوات كلها ، وحرست بالملائكة والشهب .قلت : ورواه عطية العوفي عن ابن عباس ; ذكره البيهقي . وقال عبد الله بن عمر : لما كان اليوم الذي نبئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منعت الشياطين ، ورموا بالشهب ، وقال عبد الملك بن سابور : لم تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد - عليهما الصلاة والسلام - ، فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - حرست السماء ، ورميت الشياطين بالشهب ، ومنعت عن الدنو من السماء .وقال نافع بن جبير : كانت الشياطين في الفترة تسمع فلا ترمى ، فلما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رميت بالشهب . ونحوه عن أبي بن كعب قال : لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى نبئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرمي بها . وقيل : كان ذلك قبل المبعث ، وإنما زادت بمبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنذارا بحاله ; وهو معنى قوله تعالى : ملئت أي زيد في حرسها ; وقال أوس بن حجر وهو جاهلي :فانقض كالدري يتبعه نقع يثور تخاله طنباوهذا قول الأكثرين . وقد أنكر الجاحظ هذا البيت وقال : كل شعر روي فيه فهو مصنوع ، وأن الرمي لم يكن قبل المبعث . والقول بالرمي أصح ; لقوله تعالى : فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا . وهذا إخبار عن الجن ، أنه زيد في حرس السماء حتى امتلأت منها ومنهم ; ولما روي عن ابن عباس قال : بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - جالس في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم ; فقال : " ما كنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية " ؟ قالوا : كنا نقول يموت عظيم أو يولد عظيم . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته ، ولكن ربنا - سبحانه وتعالى - إذا قضى أمرا في السماء سبح حملة العرش ثم سبح أهل كل سماء ، حتى ينتهي التسبيح إلى هذه السماء ويستخبر أهل السماء حملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه ، فتتخطف الجن فيرمون فما جاءوا به فهو حق ولكنهم يزيدون فيه " .وهذا يدل على أن الرجم كان قبل المبعث . وروى الزهري نحوه عن علي بن الحسين عن علي بن أبي طالب عن ابن عباس . وفي آخره قيل للزهري : أكان يرمى في الجاهلية ؟ قال : نعم . قلت : أفرأيت قوله سبحانه : وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - . ونحوه قال القتبي . قال ابن قتيبة : كان ولكن اشتدت الحراسة بعد المبعث ; وكانوا من قبل يسترقون ويرمون في بعض الأحوال ، فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - منعت من ذلك أصلا . وقد تقدم بيان هذا في سورة ( الصافات ) عند قوله : ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب قال الحافظ : فلو قال قائل : كيف تتعرض الجن لإحراق نفسها بسبب استماع خبر بعد أن صار ذلك معلوما لهم ؟ فالجواب أن الله تعالى ينسيهم ذلك حتى تعظم المحنة ، كما ينسى إبليس في كل وقت أنه لا يسلم ، وأن الله تعالى قال له : وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين ولولا هذا لما تحقق التكليف .والرصد : قيل من الملائكة ; أي ورصدا من الملائكة . والرصد : الحافظ للشيء والجمع أرصاد ، وفي غير هذا الموضع يجوز أن يكون جمعا كالحرس ، والواحد : راصد . وقيل : الرصد هو الشهاب ، أي شهابا قد أرصد له ، ليرجم به ; فهو فعل بمعنى مفعول كالخبط والنفض .

القول في تأويل قوله تعالى : وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًايقول عزّ وجلّ: وأنا كنا معشر الجنّ نقعد من السماء مقاعد لنسمع ما يحدث، وما يكون فيها، ( فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ ) فيها منا( يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) يعني: شهاب نار قد رصد له به.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ ... إلى قوله: ( فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) كانت الجنّ تسمع سمع السماء؛ فلما بعث الله نبيه، حُرست السماء، ومُنعوا ذلك، فتفقَّدت الجنّ ذلك من أنفسها.وذُكر لنا أن أشراف الجنّ كانوا بنصيبين، فطلبوا ذلك، وضربوا له حتى سقطوا على نبيّ الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه عامدًا إلى عكاظ.حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ... حتى بلغ ( فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) فلما وجدوا ذلك رجعوا إلى إبليس.

وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)وإنما أعيد معه كلمة { وإنا } للدلالة على أن الخبر الذي تضمنه هو المقصود وأن ما قبله كالتوطئة له فإعادة { وإنا } توكيد لفظي .وحقيقة القعود الجلوس وهو ضد القيام ، أي هو جعل النصف الأسفل مباشراً للْارض مستقراً عليها وانتصاب النصف الأعلى . وهو هنا مجاز في ملازمة المكان زمناً طويلاً لأن ملازمة المكان من لوازم القعود ومنه قوله تعالى : { واقْعدوا لهم كل مرصد } [ التوبة : 5 ] .والمقاعد : جمع مقعد وهو مفعل للمكان الذي يقع فيه القعود ، وأطلق هنا على مكان الملازمة فإن القعود يطلق على ملازمة الحصول كما في قول امرىء القيس :فقلت يمين الله أبرح قاعداً ... واللام في قوله : { للسمع } لام العلة أي لأجل السمع ، أي لأن نسمع ما يجري في العالم العلوي من تصاريف الملائكة بالتكوين والتصريف ، ولعل الجن منساقون إلى ذلك بالجبلة كما تنساق الشياطين إلى الوسوسة ، وضمير { منها } للسماء .و ( من ) تبعيضية ، أي من ساحاتها وهو متعلق ب { نقعد } ، وليس المجرور حالاً من { مَقاعَد } مقدَّماً على صاحبه لأن السياق في الكلام على حالهم في السماء فالعناية بمتعلق فعل القعود أولى ، ونظيره قول كعب :يمشي القراد عليها ثم يزلقه ... مِنْها لبان وأقرب زهاليلفقوله ( منها ) متعلق بفعل ( يُزلقه ) وليس حالاً من ( لَبان ) .وأعلم أنه قد جرى على قوله تعالى : { مقاعد للسمع } مبحث في مَباحِث فصاحة الكلمات نسبه ابن الأثير في «المثل السائر» إلى ابن سنان الخفاجي فقال : إنه قد يجيء من الكلام ما معه قرينُهُ فأوجبَ قبحه كقول الرضي في رثاء الصابي :أعزِزْ عليَّ بأن أراك وقد خَلا ... عن جانبيْكَ مَقَاعِدُ العُوَّادفإن إيراد هذه اللفظة ( أي مقاعد ) في هذا الموضع صحيح إلاّ أنه يوافق ما يُكره ذكره لا سيما وقد أضافه إلى من يُحتمل إضافته ( أي ما يكره ) إليه وهم العُواد . ولو انفرد لكان الأمر فيه سهلاً . قال ابن الأثير : هذه اللفظة المعيبة في شعر الرضي قد جاءت في القرآن فجاءت حسنة مرضية في قوله تعالى : { تُبوِّىء المؤمنين مقاعد للقتال } [ آل عمران : 121 ] وقوله : { وأنَّا كنا نقعد منها مقاعد للسمع } ، ألا ترى أنها في هاتين الآيتين غير مضافة إلى من تقبح إضافتها إليه ولو قال الشاعر بدلاً من مقاعد العُواد مقاعد الزيارة لزالت تلك الهجنة اه . وأقول : إن لمصطلحات الناس في استعمال الكلمات أثراً في وقع الكلمات عند الأفهام .والفاء التي فرعت { من يستمع الآن يَجِدْ له شهاباً رصداً } تفريع على محذوف دل عليه فعل { كنا } وترتب الشرط وجزائه عليه وتقديرُه : كنا نقعد منها ( أي من السماء ) مقاعد للسمع فنستمع أشياء فمن يستمعْ الآن لا يتمكَّن من السماع .وكلمة { الآن } مقابل كلمة { كنا } ، أي كان ذلك ثم انقضى .وجيء بصيغة الشرط وجوابه في التفريع لأن الغرض تحذير إخوانهم من التعرض للاستماع لأن المستمع يتعرض لأذى الشهب .والجنُّ لا تنكف عن ذلك لأنهم منساقون إليه بالطبع مع ما ينالهم من أذى الرجم والاحتراق ، شأنَ انسياق المخلوقات إلى ما خُلقت له مثل تهافت الفَراش على النار ، لاحتمال ضعف القوة المفكرة في الجن بحيث يغلب عليها الشهوة ، ونحن نرى البشر يقتحمون الأخطار والمهالك تبعاً للهوى مثل مغامرات الهُواة في البحار والجبال والثلوج .ووقع { شهاباً } في سياق الشرط يفيد العموم لأن سياق الشرط بمنزلة سياق النفي في إفادة عموم النكرة .والرصدَ : اسم جمع راصد وهو الحافظ للشيء وهو وصف ل { شهاباً } ، أي شهباً راصدة ، ووصفها بالرصْد استعارة شبهت بالحراس الراصدين . وهذا إشارة إلى انقراض الكهانة إذ الكاهن يتلقى من الجني أنباء مجملة بما يتلقفه الجنيّ من خبر الغيب تلقف اختطاف ناقصاً فيكمله الكاهن بحدْسه بما يناسب مجاري أحوال قومه وبلده . وفي الحديث «فيزيد على تلك الكلمة مائة كَذْبة» .وأما اتصال نفوس الكهان بالنفوس الشيطانية فيجوز أن يكون من تناسببٍ بين النفوس ، ومعظمُه أوهام . وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان فقال : «ليسوا بشيء» .أخرج البخاري عن ابن عباس قال «كان الجن يستمعون الوحي» ( أي وحي الله إلى الملائكة بتصاريف الأمور ) فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنعوا ، فقالوا : ما هذا إلاّ لأمر حدث فضربوا في الأرض يتحسسون السبب فلما وجدوا رسول الله قائماً يصلي بمكة قالوا : هذا الذي حدث في الأرض فقالوا لقومهم : { إنا سمعنا قرآنا عجباً } [ الجن : 1 ] الآية وأنزل على نبيئه { قُل أوحي إليه أنه استمع نفر من الجن } [ الجن : 1 ] وإنما أوحي إليه قول الجن اه .ولعل كيفية حدوث رجم الجن بالشهب كان بطريقة تصريف الوحي إلى الملائكة في مجارٍ تمُرّ على مواقع انقضاض الشهب حتى إذا اتصلت قوى الوحي بموقع أحد الشهب انفصل الشهاب بقوَّة ما يغطه من الوحي فسقط مع مجرى الوحي ليحرسه من اقتراب المستَرِق حتى يبلغ إلى المَلك الموحى إليه فلا يجد في طريقه قوة شيطانية أو جنية إلاّ أحرقَها وبَخرها فهلكت أو استطيرت وبذلك بطلت الكهانة وكان ذلك من خصائص الرسالة المحمدية .
الآية 9 - سورة الجن: (وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع ۖ فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا...)