سورة المؤمنون (23): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة المؤمنون بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير الوسيط لطنطاوي (محمد سيد طنطاوي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة المؤمنون مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة المؤمنون

سُورَةُ المُؤۡمِنُونَ
الصفحة 343 (آيات من 18 إلى 27)

وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءًۢ بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّٰهُ فِى ٱلْأَرْضِ ۖ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍۭ بِهِۦ لَقَٰدِرُونَ فَأَنشَأْنَا لَكُم بِهِۦ جَنَّٰتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَٰبٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَٰكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنۢبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْءَاكِلِينَ وَإِنَّ لَكُمْ فِى ٱلْأَنْعَٰمِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِى بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَٰفِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِۦ فَقَالَ يَٰقَوْمِ ٱعْبُدُوا۟ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُۥٓ ۖ أَفَلَا تَتَّقُونَ فَقَالَ ٱلْمَلَؤُا۟ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ مِن قَوْمِهِۦ مَا هَٰذَآ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَأَنزَلَ مَلَٰٓئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِىٓ ءَابَآئِنَا ٱلْأَوَّلِينَ إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌۢ بِهِۦ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُوا۟ بِهِۦ حَتَّىٰ حِينٍ قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِى بِمَا كَذَّبُونِ فَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ أَنِ ٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ ۙ فَٱسْلُكْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ مِنْهُمْ ۖ وَلَا تُخَٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ ۖ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ
343

الاستماع إلى سورة المؤمنون

تفسير سورة المؤمنون (تفسير الوسيط لطنطاوي: محمد سيد طنطاوي)

الترجمة الإنجليزية

Waanzalna mina alssamai maan biqadarin faaskannahu fee alardi wainna AAala thahabin bihi laqadiroona

ثم بين- سبحانه- بعض النعم التي تأتينا من جهة هذه الطرائق فقال: وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ ...أى: وأنزلنا لكم- أيها الناس- بقدرتنا ورحمتنا، ماء بقدر. أى: أنزلناه بمقدار معين، بحيث لا يكون طوفانا فيغرقكم، ولا يكون قليلا فيحصل لكم الجدب والجوع والعطش.وإنما أنزلناه بتقدير مناسب لجلب المنافع، ودفع المضار، كما قال- سبحانه- في آية أخرى: ... وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ .وقوله: فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ أى: هذا الماء النازل من السماء بتقدير معين منا تقتضيه حكمتنا، جعلناه ساكنا مستقرا في الأرض، لتنعموا به عن طريق استخراجه من الآبار والعيون وغيرها.وفي هذه الجملة الكريمة إشارة إلى أن المياه الجوفية الموجودة في باطن الأرض، مستمدة من المياه النازلة من السحاب عن طريق المطر.وهذا ما قررته النظريات العلمية الحديثة بعد مئات السنين من نزول القرآن الكريم. وبعد أن بقي العلماء دهورا طويلة، يظنون أن المياه التي في جوف الأرض، لا علاقة لها بالمياه النازلة على الأرض عن طريق المطر.وقوله- سبحانه-: وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ بيان لمظهر من مظاهر قدرته ورأفته ورحمته- تعالى- بعباده.أى: وإنا على إذهاب هذا الماء الذي أسكناه في باطن الأرض لقادرون، بأن نجعله يتسرب إلى أسفل طبقات الأرض فلا تستطيعون الوصول إليه، أو بأن نزيله من الأرض إزالة تامة، لأن القادر على إنزاله قادر على إزالته وإذهابه، ولكنا لم نفعل ذلك رحمة بكم، وشفقة عليكم، فاشكرونا على نعمنا وضعوها في مواضعها الصحيحة.قال صاحب الكشاف: «قوله: عَلى ذَهابٍ بِهِ من أوقع النكرات وأحزها للمفصل.والمعنى: على وجه من وجوه الذهاب به، وطريق من طرقه، وفيه إيذان باقتدار المذهب، وأنه لا يتعايى عليه شيء إذا أراده، وهو أبلغ في الإبعاد، من قوله: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ.فعلى العباد أن يستعظموا النعمة في الماء. ويقيدوها بالشكر الدائم، ويخافوا نفارها إذا لم تشكر.وشبيه بهذه الآية قوله- تعالى-: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ. ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ ....

الترجمة الإنجليزية

Faanshana lakum bihi jannatin min nakheelin waaAAnabin lakum feeha fawakihu katheeratun waminha takuloona

ثم بين- سبحانه- الآثار الجليلة المترتبة على إنزال الماء من السماء فقال: فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ ...أى: فأوجدنا لكم بسبب نزول الماء على الأرض بساتين متنوعة، بعضها من نخيل، وبعضها من أعناب، وبعضها منهما معا، وبعضها من غيرهما.وخص النخيل والأعناب بالذكر، لكثرة منافعهما، وانتشارهما في الجزيرة العربية، أكثر من غيرهما.لَكُمْ فِيها أى: في تلك الجنات فَواكِهُ كَثِيرَةٌ تتلذذون بها في مأكلكم وَمِنْها. أى: ومن هذه البساتين والجنات تَأْكُلُونَ ما تريدون أكله منها في كل الأوقات.

الترجمة الإنجليزية

Washajaratan takhruju min toori saynaa tanbutu bialdduhni wasibghin lilakileena

والمراد بالشجرة في قوله- تعالى- بعد ذلك: وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ ... ،شجرة الزيتون. وهي معطوفة على «جنات» من عطف الخاص على العام.أى: فأنشأنا لكم بسبب هذا الماء النازل من السماء، جنات، وأنشأنا لكم بسببه- أيضا- شجرة مباركة تخرج من هذا الوادي المقدس الذي كلم الله- تعالى- عليه موسى- عليه السلام- وهو المعروف بطور سيناء. أى: بالجبل المسمى بهذا الاسم في منطقة سيناء، ومكانها معروف.قالوا: وكلمة سيناء- بفتح السين والمد على الراجح- معناها: الحسن باللغة النبطية.أو معناها: الجبل المليء بالأشجار. وقيل: مأخوذة من السنا بمعنى الارتفاع.وخصت شجرة الزيتون بالذكر: لأنها من أكثر الأشجار فائدة بزيتها وطعامها وخشبها، ومن أقل الأشجار- أيضا- تكلفة لزارعها.وخص طور سيناء بإنباتها فيه، مع أنها تنبت منه ومن غيره، لأنها أكثر ما تكون انتشارا في تلك الأماكن، أو لأن منبتها الأصلى كان في هذا المكان، ثم انتقلت منه إلى غيره من الأماكن.وقوله: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ بيان لمنافع هذه الشجرة على سبيل المدح، والتعليل لإفرادها بالذكر.والدهن: عصارة كل شيء ذي دسم. والمراد به هنا: زيت الزيتون.وقراءة الجمهور: تَنْبُتُ- بفتح التاء وضم الباء- على أنه مضارع نبت الثلاثي.فيكون المعنى: هذه الشجرة من مزاياها أنها تنبت مصحوبة وملتبسة بالدهن الذي يستخرج من زيتونها. فالباء في قوله بِالدُّهْنِ للمصاحبة والملابسة، كما تقول: خرج فلان بسلاحه. أى: مصاحبا له.وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: تنبت- بضم التاء وكسر الباء- من أنبت بمعنى نبت. أو:من أنبت المتعدى بالهمزة، كأنبت الله الزرع. والتقدير: تنبت ثمارها مصحوبة بالدهن.والصبغ في الأصل: يطلق على الشيء الذي يصبغ به الثوب. والمراد به هنا: الإدام لأنه يصبغ الخبز، ويجعله كأنه مصبوغ به.أى: أن من فوائد هذه الشجرة المباركة أنها يتخذ منها الزيت الذي ينتفع به، والإدام الذي يحلو معه أكل الخبز والطعام.روى الإمام أحمد عن مالك بن ربيعة الساعدي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: «كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة» .

الترجمة الإنجليزية

Wainna lakum fee alanAAami laAAibratan nusqeekum mimma fee butooniha walakum feeha manafiAAu katheeratun waminha takuloona

وبعد أن بين- سبحانه- جانبا من مظاهر نعمه في الماء والنبات أتبع ذلك ببيان جانب آخر من نعمه في الأنعام والحيوان. فقال: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً ...والأنعام: تطلق على الإبل والبقر والغنم. وقد تطلق على الإبل خاصة.والعبرة: اسم من الاعتبار، وهو الحالة التي تجعل الإنسان يعتبر ويتعظ بما يراه ويسمعه.أى: وإن لكم- أيها الناس- فيما خلق الله لكم من الأنعام لعبرة وعظة، تجعلكم تخلصون العبادة لله- تعالى- وتشكرونه على آلائه.وقوله- سبحانه-: نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها، وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ.... بيان لمواطن العبرة، وتعريف بأوجه النعمة.أى: نسقيكم مما في بطونها من ألبان خالصة، تخرج من بين فرث ودم، ولكم في هذه الأنعام منافع كثيرة، كأصوافها وأوبارها وأشعارها، ومنها تأكلون من لحومها، ومما يستخرج من ألبانها.

الترجمة الإنجليزية

WaAAalayha waAAala alfulki tuhmaloona

عَلَيْهاأى: وعلى هذه الأنعام، والمراد بها هنا: الإبل خاصة عَلَى الْفُلْكِأى: السفن التي تجرى في البحرحْمَلُونَبقدرتنا ومنتنا، حيث تحمل هذه الإبل وتلك لسفن أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس ...وقريب من هاتين الآيتين في المعنى قوله- تعالى-: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ.وقوله- سبحانه-: وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها، وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ، وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا، وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلى رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ.وبذلك نرى الآيات الكريمة قد ذكرت لنا أنواعا من نعم الله- تعالى- على عباده، هذه النعم التي تدل على كمال قدرته، وعظيم رحمته.وبعد أن بين- سبحانه- دلائل قدرته عن طريق خلق الإنسان، وعن طريق خلقه لهذه الكائنات التي يشاهدها الإنسان وينتفع بها ... أتبع ذلك بالحديث عن بعض الرسل- عليهم الصلاة والسلام- وعن موقف أقوامهم منهم، وعن سوء عاقبة المكذبين لرسل الله- تعالى- وأنبيائه. وابتدأ- سبحانه- الحديث عن جانب من قصة نوح مع قومه، فقال- تعالى-:

الترجمة الإنجليزية

Walaqad arsalna noohan ila qawmihi faqala ya qawmi oAAbudoo Allaha ma lakum min ilahin ghayruhu afala tattaqoona

تلك هي قصة نوح- عليه السلام- مع قومه، كما وردت في هذه السورة الكريمة، وقد وردت بصورة أكثر تفصيلا في سورتي هود ونوح.وينتهى نسب نوح- عليه السلام- إلى شيث بن آدم- عليه السلام-. وقد ذكر نوح في القرآن في ثلاثة وأربعين موضعا.قال الجمل في حاشيته: وعاش نوح من العمر ألف سنة وخمسين، لأنه أرسل على رأس الأربعين ومكث يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، وعاش بعد الطوفان ستين سنة.وقدمت قصته هنا على غيره، لتتصل بقصة آدم المذكورة في قوله: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ للمناسبة بينهما من حيث إن نوحا يعتبر آدم الثاني، لانحصار النوع الإنسانى بعده في نسله.وقوم الرجل: أقر باؤه الذين يجتمعون معه في جد واحد. وقد يقيم الرجل بين قوم ليس منهم في نسبه، فيسميهم قومه على سبيل المجاز، لمجاورته لهم.وكان قوم نوح يعبدون الأصنام. فأرسل الله- تعالى- إليهم نوحا لينهاهم عن ذلك، وليأمرهم بإخلاص العبادة لله- تعالى-.واللام في قوله- سبحانه-: وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ... واقعة في جواب قسم محذوف.أى: والله لقد أرسلنا نبينا نوحا- عليه السلام- إلى قومه، ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.وقوله- سبحانه- فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ... حكاية لما وجهه إليهم من نصائح وإرشادات.أى: أرسلنا نوحا إلى قومه، فقال لهم ما قاله كل نبي: يا قوم اعبدوا الله وحده، فإنكم ليس لكم إله سواه، فهو الذي خلقكم، وهو الذي رزقكم. وهو الذي يحييكم وهو الذي يميتكم، وكل معبود غيره- سبحانه- فهو باطل.وفي ندائهم بقوله: يا قَوْمِ تلطف في الخطاب، ليستميلهم إلى دعوته، فكأنه يقول لهم: أنتم أهلى وعشيرتي يسرني ما يسركم، ويؤذيني ما يؤذيكم، فاقبلوا دعوتي، لأنى لكم ناصح أمين.وقوله: أَفَلا تَتَّقُونَ تحذير لهم من الإصرار على شركهم، بعد ترغيبهم في عبادة الله- تعالى- وحده بألطف أسلوب.أى: أفلا تتقون الله- تعالى- وتخافون عقوبته، بسبب عبادتكم لغيره، مع أنه- سبحانه- هو الذي خلقكم فالاستفهام للإنكار والتوبيخ.

الترجمة الإنجليزية

Faqala almalao allatheena kafaroo min qawmihi ma hatha illa basharun mithlukum yureedu an yatafaddala AAalaykum walaw shaa Allahu laanzala malaikatan ma samiAAna bihatha fee abaina alawwaleena

ثم حكى- سبحانه- ما رد به قوم نوح عليه فقال: فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ...والمراد بالملإ: أصحاب الجاه والغنى من قوم نوح. وهذا اللفظ اسم جمع لا واحد له من لفظه- كرهط- وهو مأخوذ من قولهم: فلان ملئ بكذا، إذا كان قادرا عليه. أو لأنهم متمالئون أى: متظاهرون متعاونون، أو لأنهم يملؤون القلوب والعيون مهابة ...وفي وصفهم بالكفر: تشنيع عليهم وذم لهم، وإشعار بأنهم عريقون فيه. أى: فقال الأغنياء وأصحاب النفوذ الذين مردوا على الكفر، في الرد على نبيهم نوح عليه السلام:ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.أى: قالوا لأتباعهم على سبيل التحذير من الاستماع إلى دعوة نبيهم، ما هذا، أى:نوح عليه السلام- إلا بشر مثلكم، ومن جنسكم، ولا فرق بينكم وبينه فكيف يكون نبيّا؟ولم يقولوا: ما نوح إلا بشر مثلكم، بل أشاروا إليه بدون ذكر اسمه، لأنهم لجهلهم وغرورهم يقصدون تهوين شأنه- عليه الصلاة والسلام- في أعين قومه.وقولهم: يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ أى: أن نوحا جاء بما جاء به بقصد الرياسة عليكم.ومرادهم بهذا القول: تنفير الناس منه، وحضهم على عداوته.وقولهم: وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً استبعاد منهم لكون الرسول من البشر أى:ولو شاء الله أن يرسل رسولا ليأمرنا بعبادته وحده. لأرسل ملائكة ليفعلوا ذلك، فهم-لانطماس بصائرهم وسوء تفكيرهم- يتوهمون أن الرسول لا يكون من البشر، وإنما يكون من الملائكة.ومفعول المشيئة محذوف. أى: ولو شاء الله عبادته وحده لأرسل ملائكة ليأمرونا بذلك، فلما لم يفعل علمنا أنه ما أرسل رسولا، فنوح- في زعمهم- كاذب في دعواه.وقولهم: ما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ أى ما سمعنا بهذا الكلام الذي جاءنا به نوح في آباءنا الأولين، الذين ندين باتباعهم، ونقتدي بهم في عبادتهم لهذه الأصنام.

الترجمة الإنجليزية

In huwa illa rajulun bihi jinnatun fatarabbasoo bihi hatta heenin

ثم هم لا يكتفون بهذا الجمود والتحجر، بل يصفون نبيهم بما هو برىء منه فيقولون:إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ، فَتَرَبَّصُوا بِهِ حَتَّى حِينٍ.والجنّة: الجنون، يقال جنّ: فلان إذا أصيب بالجنون، أو إذا مسه الجن فصار في حالة خبل وجنون.والتربص: الانتظار والترقب، أى: ما نوح- عليه السلام- الذي يدعى النبوة، إلا رجل به حالة من الجنون والخبل، فانتظروا عليه إلى وقت شفائه من هذا الجنون أو إلى وقت موته، وعندئذ تستريحون منه، ومن دعوته التي ما سمعنا بها في آبائنا الأولين.فأنت ترى أن القوم قد واجهوا نبيهم نوحا- عليه السلام- بأقبح مواجهة حيث وصفوه بأنه يريد من وراء دعوته لهم السيادة عليهم، وأنه ليس نبيّا لأن الأنبياء لا يكونون من البشر- في زعمهم- وأنه قد خالف ما ألفوه عن آبائهم، ومن خالف ما كان عليه آباؤهم لا يجوز الاستماع إليه، وأنه مصاب بالجنون وأنه عما قريب سيأخذه الموت، أو يشفى مما هو فيه.وهكذا الجهل والغرور والجحود ... عند ما يستولى على الناس، يحول في نظرهم الإصلاح إلى إفساد، والإخلاص إلى حب للرياسة، والشيء المعقول المقبول. إلى أى شيء غير معقول وغير مقبول، وكمال العقل ورجحانه، إلى جنونه ونقصانه.وصدق الله إذ يقول: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ...

الترجمة الإنجليزية

Qala rabbi onsurnee bima kaththabooni

ثم يحكى القرآن بعد ذلك أن نوحا- عليه السلام- بعد أن استمع إلى ما قاله قومه في شأنه من ضلالات وسفاهات، لجأ إلى ربه- عز وجل- يشكو إليه ما أصابه منهم ويلتمس منه النصر عليهم. فقال: كما حكى القرآن عنه: رَبِّ انْصُرْنِي بِما كَذَّبُونِ.أى: قال نوح في مناجاته لربه: يا رب انصرني على هؤلاء القوم الكافرين بسبب تكذيبهم لي وتطاولهم على. وسخريتهم منى، وإصرارهم على عبادة غيرك.

الترجمة الإنجليزية

Faawhayna ilayhi ani isnaAAi alfulka biaAAyunina wawahyina faitha jaa amruna wafara alttannooru faosluk feeha min kullin zawjayni ithnayni waahlaka illa man sabaqa AAalayhi alqawlu minhum wala tukhatibnee fee allatheena thalamoo innahum mughraqoona

وقد أجاب الله- تعالى- دعاء عبده نوح فقال: فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أى: فأوحينا إليه في أعقاب دعائه وتضرعه.أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا أى: أوحينا إليه أن ابتدئ يا نوح في صنع السفينة وأنت تحت رعايتنا وحفظنا، وسنرسل إليك وحينا ليرشدك إلى ما أنت في حاجة إليه من إتقان صنع السفينة، ومن غير ذلك من شئون.وفي التعبير بقوله- سبحانه- أَنِ اصْنَعِ إشارة إلى أن نوحا- عليه السلام- قد باشر بنفسه صنع السفينة التي هي وسيلة النجاة له وللمؤمنين معه.وفي قوله- تعالى-: بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا إشارة إلى أن نوحا بجانب مباشرته للصنع بنفسه، كان مزودا من الله- تعالى- بالعناية والرعاية وبحسن التوجيه والإرشاد عن طريق الوحى الأمين.وذلك لأن سنة الله- تعالى- قد اقتضت أن لا يضيع عمل عباده المخلصين، الذين يبذلون أقصى جهدهم في الوصول إلى غاياتهم الشريفة.والباء في قوله بِأَعْيُنِنا للملابسة، والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير «اصنع» .والفاء في قوله- سبحانه- فَإِذا جاءَ أَمْرُنا لترتيب مضمون ما بعدها على إتمام صنع السفينة.والمراد بالأمر هنا: العذاب الذي أعده الله- تعالى- لهؤلاء الظالمين من قوم نوح- عليه السلام-. ويشهد لذلك قوله- سبحانه- في آية أخرى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أى: من عذابه إِلَّا مَنْ رَحِمَ.والمراد بمجيء هذا الأمر: اقتراب وقته، ودنو ساعته، وظهور علاماته وقوله- تعالى-:وَفارَ التَّنُّورُ بيان وتفسير لمجيء هذا الأمر، وحلول وقت إهلاكهم.وقوله: فارَ من الفوران. بمعنى شدة الغليان للماء وغيره. يقال للماء فار إذا اشتد غليانه. ويقال للنار فارت إذا عظم هيجانها. ومنه قوله- تعالى- إِذا أُلْقُوا فِيها سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ.وللمفسرين في المراد بلفظ التَّنُّورُ أقوال منها: أن المراد به الشيء الذي يخبز فيه الخبز، وهو ما يسمى بالموقد أو الفرن.ومنها أن المراد به وجه الأرض. أو موضع اجتماع الماء في السفينة، أو طلوع الفجر.. وقد رجح الإمام ابن جرير القول الأول فقال: وأولى الأقوال بالصواب قول من قال: وهو التنور الذي يخبز فيه، لأن هذا هو المعروف من كلام العرب...ويبدو أن فوران التنور كان علامة لنوح على أن موعد إهلاك الكافرين من قومه قد اقترب.أى: فإذا اقترب موعد إهلاك قومك الظالمين يا نوح، ومن علامة ذلك أن ينبع الماء من التنور ويفور فورانا شديدا فَاسْلُكْ فِيها فأدخل في السفينة مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ ولفظ زَوْجَيْنِ تثنية زوج. والمراد به هنا: الذكر والأنثى من كل نوع.وقراءة الجمهور: مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ بدون تنوين للفظ كل، وبإضافته إلى زوجين....وقرأ حفص مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ تنوين كل، وهو تنوين عوض عن مضاف إليه.والتقدير: فأدخل في السفينة من كل نوع من أنواع المخلوقات التي أنت في حاجة إليها ذكرا وأنثى، ويكون لفظ زَوْجَيْنِ مفعولا لقوله فَاسْلُكْ ولفظ اثنين: صفة له.والمراد بأهله في قوله- تعالى- وَأَهْلَكَ: أهل بيته كزوجته وأولاده المؤمنين، ويدخل فيهم كل من آمن به- عليه السلام- سواء أكان من ذوى قرابته أم من غيرهم، بدليل قوله- تعالى- في سورة هود: قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ، وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ.وجملة: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ استثناء من الأهل. والمراد بمن سبق عليه القول منهم: من بقي على كفره ولم يؤمن برسالة نوح- عليه السلام- كزوجته وابنه كنعان.أى: أدخل في السفينة ذكرا وأنثى من أنواع المخلوقات، وأدخل فيها- أيضا- المؤمنين من أهلك ومن غيرهم، إلا الذين سبق منا القول بهلاكهم بسبب إصرارهم على الكفر.فلا تدخلهم في السفينة، بل اتركهم خارجها ليغرقوا مع المغرقين.قال الآلوسى: وجيء بعلى في قوله: إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ لكون السابق ضارا، كما جيء باللام في قوله: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى لكون السابق نافعا وقوله- تعالى-: وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ نهى منه- سبحانه- لنوح- عليه السلام- عن الشفاعة لهؤلاء الكافرين، أو عن طلب تأخير العذاب المهلك لهم.أى: اترك يا نوح هؤلاء الظالمين، ولا تكلمني في شأنهم، كأن تطلب الشفاعة لهم أو تأخير العذاب عنهم، فإنهم مقضي عليهم بالإغراق لا محالة. ولا مبدل لحكمي أو إرادتى.ويبدو- والله أعلم- أن هذه الجملة الكريمة، كانت نهيا من الله- تعالى- لنوح عن الشفاعة في ابنه الذي غرق مع المغرقين، والذي حكى القرآن في سورة هود أن نوحا قد قال في شأنه: رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي، وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ، وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحاكِمِينَ.
343