سورة النجم: الآية 25 - فلله الآخرة والأولى...

تفسير الآية 25, سورة النجم

فَلِلَّهِ ٱلْءَاخِرَةُ وَٱلْأُولَىٰ

الترجمة الإنجليزية

Falillahi alakhiratu waaloola

تفسير الآية 25

ليس للإنسان ما تمناه من شفاعة هذه المعبودات أو غيرها مما تهواه نفسه، فلله أمر الدنيا والآخرة.

«فلله الآخرة والأولى» أي الدنيا فلا يقع فيهما إلا ما يريده تعالى.

[فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى فيعطي منهما من يشاء، ويمنع من يشاء، فليس الأمر تابعا لأمانيهم، ولا موافقا لأهوائهم.

وقوله : ( فلله الآخرة والأولى ) أي : إنما الأمر كله لله ، مالك الدنيا والآخرة ، والمتصرف في الدنيا والآخرة ، فهو الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن .

وقدم- سبحانه- الآخرة على الأولى، لأنها الأهم، إذ نعيمها هو الخالد الباقي، أما شهوات الدنيا وملذاتها، فهي مهما كثرت، زائلة فانية.

" فلله الآخرة والأولى "، ليس كما ظن الكافر وتمنى، بل لله الآخرة والأولى، لا يملك أحد فيهما شيئاً إلا بإذنه.

يعطي من يشاء ويمنع من يشاء لا ما تمنى أحد .

القول في تأويل قوله تعالى : أَمْ لِلإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24)يقول تعالى ذكره: أم اشتهى محمد صلى الله عليه وسلم ما أعطاه الله من هذه الكرامة التي كرّمه بها من النبوّة والرسالة, وأنزل الوحي عليه, وتمنى ذلك, فأعطاه إياه ربه, فلله ما في الدار الآخرة والأولى, وهي الدنيا, يعطي من شاء من خلقه ما شاء, ويحرم من شاء منهم ما شاء.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله ( أَمْ لِلإنْسَانِ مَا تَمَنَّى ) قال: وإن كان محمد تمنى هذا, فذلك له.

فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25(وفُرع على الإِنكار أن الله مالك الآخرة والأولى ، أي فهو يتصرف في أحوال أهلهما بحسب إرادته لا بحسب تمني الإِنسان . وهذا إبطال لمعتقدات المشركين التي منها يقينهم بشفاعة أصنامهم .وتقديم المجرور في { للإنسان ما تمنى } ، لأن محط الإِنكار هو أمنيتهم أن تجري الأمور على حسب أهوائهم فلذلك كانوا يُعرضون عن كل ما يخالف أهواءهم . فتقديم المعمول هنا لإِفادة القصر وهو قصر قلب ، أي ليس ذلك مقصوراً عليهم كما هو مقتضى حالهم فنزلوا منزلة من يرون الأمور تجري على ما يتمنّون ، أي بل أماني الإِنسان بيد الله يعطي بعضها ويمنع بعضها كما دل عليه التفريع عقبه بقوله : { فللَّه الآخرة والأولى } .وهذا من معاني الحكمة لأن رغبة الإِنسان في أن يكون ما يتمناه حاصلاً رغبة لو تبصّر فيها صاحبها لوجد تحقيقها متعذراً لأن ما يتمناه أحد يتمناه غيره فتتعارض الأماني فإذا أُعطي لأحد ما يتمنّاه حُرم من يتمنَّى ذلك معه فيفضي ذلك إلى تعطيل الأمنيتين بالأخارة ، والقانون الذي أقام الله عليه نظام هذا الكون أن الحظوظ مقسمة ، ولكل أحد نصيب ، ومن حق العاقل أن يتخلق على الرضى بذلك وإلا كان الناس في عيشة مريرة . وفي الحديث « لا تَسْأَللِ المرأةُ طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتقعُد فإن لها ما كُتب لها » . وتفريع { فللَّه الآخرة والأولى } تصريح بمفهوم القصر الإِضافي كما علمت آنفاً . وتقديم المجرور لإِفادة الحصر ، أي لله لا للإِنسان .و { الآخرة } العالم الأخروي ، و { الأولى } العالم الدنيوي . والمراد بهما ما يحتويان عليه من الأمور ، أي أمور الآخرة وأمور الأولى ، والمقصود من ذكرهما تعميم الأشياء مثل قوله : { رب المشرقين ورب المغربين } [ الرحمن : 17 ] .وإنما قدمت الآخرة للاهتمام بها والتثنية إلى أنها التي يجب أن يكون اعتناء المؤمنين بها لأن الخطاب في هذه الآية للنبيء صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، مع ما في هذا التقديم من الرعاية للفاصلة .
الآية 25 - سورة النجم: (فلله الآخرة والأولى...)