سورة الرعد (13): مكتوبة كاملة مع التفسير التحميل

تحتوي هذه الصفحة على جميع آيات سورة الرعد بالإضافة إلى تفسير جميع الآيات من قبل تفسير ابن كثير (عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي). في الجزء الأول يمكنك قراءة سورة الرعد مرتبة في صفحات تماما كما هو موجود في القرآن. لقراءة تفسير لآية ما انقر على رقمها.

معلومات عن سورة الرعد

سُورَةُ الرَّعۡدِ
الصفحة 254 (آيات من 35 إلى 42)

۞ مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَٰرُ ۖ أُكُلُهَا دَآئِمٌ وَظِلُّهَا ۚ تِلْكَ عُقْبَى ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوا۟ ۖ وَّعُقْبَى ٱلْكَٰفِرِينَ ٱلنَّارُ وَٱلَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ ٱلْكِتَٰبَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ ۖ وَمِنَ ٱلْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُۥ ۚ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلَآ أُشْرِكَ بِهِۦٓ ۚ إِلَيْهِ أَدْعُوا۟ وَإِلَيْهِ مَـَٔابِ وَكَذَٰلِكَ أَنزَلْنَٰهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا ۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَآءَهُم بَعْدَمَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِىٍّ وَلَا وَاقٍ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَٰجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ ٱللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُوا۟ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثْبِتُ ۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلْكِتَٰبِ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ أَوَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّا نَأْتِى ٱلْأَرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ۚ وَٱللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِۦ ۚ وَهُوَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ وَقَدْ مَكَرَ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ ٱلْمَكْرُ جَمِيعًا ۖ يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ۗ وَسَيَعْلَمُ ٱلْكُفَّٰرُ لِمَنْ عُقْبَى ٱلدَّارِ
254

الاستماع إلى سورة الرعد

تفسير سورة الرعد (تفسير ابن كثير: عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي)

الترجمة الإنجليزية

Mathalu aljannati allatee wuAAida almuttaqoona tajree min tahtiha alanharu okuluha daimun wathilluha tilka AAuqba allatheena ittaqaw waAAuqba alkafireena alnnaru

ولهذا قرن هذا بهذا; فقال : ( مثل الجنة التي وعد المتقون ) أي : صفتها ونعتها ، ( تجري من تحتها الأنهار ) أي : سارحة في أرجائها وجوانبها ، وحيث شاء أهلها ، يفجرونها تفجيرا ، أي : يصرفونها كيف شاءوا وأين شاءوا ، كما قال تعالى : ( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم ) [ محمد : 15 ] . وقوله : ( أكلها دائم وظلها ) أي : فيها المطاعم والفواكه والمشارب ، لا انقطاع [ لها ] ولا فناء .وفي الصحيحين ، من حديث ابن عباس في صلاة الكسوف ، وفيه قالوا : يا رسول الله ، رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ، ثم رأيناك تكعكعت فقال : " إني رأيت الجنة - أو أريت الجنة - فتناولت منها عنقودا ، ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا " .وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا عبيد الله ، حدثنا أبو عقيل ، عن جابر قال : بينما نحن في صلاة الظهر ، إذ تقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتقدمنا ، ثم تناول شيئا ليأخذه ثم تأخر . فلما قضى الصلاة قال له أبي بن كعب : يا رسول الله ، صنعت اليوم في الصلاة شيئا ما رأيناك كنت تصنعه . فقال : " إني عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة ، فتناولت منها قطفا من عنب لآتيكم به ، فحيل بيني وبينه ، ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينقصونه " .وروى مسلم من حديث أبي الزبير ، عن جابر ، شاهدا لبعضه .وعن عتبة بن عبد السلمي : أن أعرابيا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الجنة ، فقال : فيها عنب ؟ قال : " نعم " . قال : فما عظم العنقود ؟ قال : " مسيرة شهر للغراب الأبقع ولا يفتر " . رواه أحمد .وقال الطبراني : حدثنا معاذ بن المثنى ، حدثنا علي بن المديني ، حدثنا ريحان بن سعيد ، عن عبادة بن منصور ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل إذا نزع ثمرة من الجنة عادت مكانها أخرى " .وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " يأكل أهل الجنة ويشربون ، ولا يمتخطون ولا يتغوطون ولا يبولون ، طعامهم جشاء كريح المسك ، ويلهمون التسبيح والتقديس كما يلهمون النفس " . رواه مسلم .وروى الإمام أحمد والنسائي ، من حديث الأعمش ، عن ثمامة بن عقبة سمعت زيد بن أرقم قال : جاء رجل من أهل الكتاب فقال : يا أبا القاسم ، تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ؟ قال : نعم ، والذي نفس محمد بيده ، [ إن الرجل من أهل الجنة ] ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع والشهوة " . قال : فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة ، وليس في الجنة أذى ؟ قال : " حاجة أحدهم رشح يفيض من جلودهم ، كريح المسك ، فيضمر بطنه " .وقال الحسن بن عرفة : حدثنا خلف بن خليفة ، عن حميد الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، قال : قال لي رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إنك لتنظر إلى الطير في الجنة ، فيخر بين يديك مشويا .وجاء في بعض الأحاديث : أنه إذا فرغ منه عاد طائرا كما كان بإذن الله تعالى .وقد قال تعالى : ( وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة ) [ الواقعة : 32 ، 33 ] وقال ( ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ) [ الإنسان : 14 ] .وكذلك ظلها لا يزول ولا يقلص ، كما قال تعالى : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلا ظليلا ) [ النساء : 57 ] .وقد تقدم في الصحيحين من غير وجه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن في الجنة شجرة ، يسير الراكب المجد الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام لا يقطعها " ، ثم قرأ : ( وظل ممدود ) [ الواقعة : 30 ] .وكثيرا ما يقرن الله تعالى بين صفة الجنة وصفة النار ، ليرغب في الجنة ويحذر من النار; ولهذا لما ذكر صفة الجنة بما ذكر ، قال بعده : ( تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ) كما قال تعالى : ( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم الفائزون ) [ الحشر : 20 ] .وقال بلال بن سعد خطيب دمشق في بعض خطبه : عباد الله هل جاءكم مخبر يخبركم أن شيئا من عبادتكم تقبلت منكم ، أو أن شيئا من خطاياكم غفرت لكم ؟ ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ) [ المؤمنون : 115 ] والله لو عجل لكم الثواب في الدنيا لاستقللتم كلكم ما افترض عليكم ، أو ترغبون في طاعة الله لتعجيل دنياكم ، ولا تنافسون في جنة ( أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار ) رواه ابن أبي حاتم .

الترجمة الإنجليزية

Waallatheena ataynahumu alkitaba yafrahoona bima onzila ilayka wamina alahzabi man yunkiru baAAdahu qul innama omirtu an aAAbuda Allaha wala oshrika bihi ilayhi adAAoo wailayhi maabi

يقول تعالى : ( والذين آتيناهم الكتاب ) وهم قائمون بمقتضاه ( يفرحون بما أنزل إليك ) أي : من القرآن لما في كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة به ، كما قال تعالى : ( الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون ) [ البقرة : 121 ] وقال تعالى : ( قل آمنوا به أو لا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ) [ الإسراء : 107 ، 108 ] أي : إن كان ما وعدنا الله به في كتبنا من إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - لحقا وصدقا مفعولا لا محالة ، وكائنا ، فسبحانه ما أصدق وعده ، فله الحمد وحده ، (ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا ) [ الإسراء : 109 ] .وقوله : ( ومن الأحزاب من ينكر بعضه ) أي : ومن الطوائف من يكذب ببعض ما أنزل إليك .وقال مجاهد : ( ومن الأحزاب ) اليهود والنصارى ، من ينكر بعضه ما جاءك من الحق . وكذا قال قتادة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم .وهذا كما قال تعالى : ( وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب ) [ آل عمران : 199 ] .( قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به ) أي : إنما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له ، كما أرسل الأنبياء من قبلي ، ( إليه أدعو ) أي : إلى سبيله أدعو الناس ، ( وإليه مآب ) أي : مرجعي ومصيري .

الترجمة الإنجليزية

Wakathalika anzalnahu hukman AAarabiyyan walaini ittabaAAta ahwaahum baAAda ma jaaka mina alAAilmi ma laka mina Allahi min waliyyin wala waqin

وقوله : ( وكذلك أنزلناه حكما عربيا ) أي : وكما أرسلنا قبلك المرسلين ، وأنزلنا عليهم الكتب من السماء ، كذلك أنزلنا عليك القرآن محكما معربا ، شرفناك به وفضلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجلي الذي ) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) [ فصلت : 11 ] .وقوله : ( ولئن اتبعت أهواءهم ) أي : آراءهم ، ( أهواءهم بعدما جاءك من العلم ) أي : من الله تعالى ( ما لك من الله من ولي ولا واق ) أي : من الله تعالى . وهذا وعيد لأهل العلم أن يتبعوا سبل أهل الضلالة بعدما صاروا إليه من سلوك السنة النبوية والمحجة المحمدية ، على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام [ والتحية والإكرام ] .

الترجمة الإنجليزية

Walaqad arsalna rusulan min qablika wajaAAalna lahum azwajan wathurriyyatan wama kana lirasoolin an yatiya biayatin illa biithni Allahi likulli ajalin kitabun

يقول تعالى : وكما أرسلناك ، يا محمد ، رسولا بشريا كذلك [ قد ] بعثنا المرسلين قبلك بشرا يأكلون الطعام ، ويمشون في الأسواق ويأتون الزوجات ، ويولد لهم ، وجعلنا لهم أزواجا وذرية ، وقد قال [ الله ] تعالى لأشرف الرسل وخاتمهم : ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ) [ الكهف : 110 ] .وفي الصحيحين : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أما أنا فأصوم وأفطر ، وأقوم وأنام ، وآكل الدسم وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني " .وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أنبأنا الحجاج بن أرطاة عن مكحول قال : قال أبو أيوب : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " أربع من سنن المرسلين : التعطر ، والنكاح ، والسواك ، والحناء " .وقد رواه أبو عيسى الترمذي ، عن سفيان بن وكيع عن حفص بن غياث ، عن الحجاج ، عن مكحول ، عن أبى الشمال عن أبي أيوب . . . فذكره ، ثم قال : وهذا أصح من الحديث الذي لم يذكر فيه أبو الشمال .وقوله : ( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) أي : لم يكن يأتي قومه بخارق إلا إذا أذن له فيه ، ليس ذلك إليه ، بل إلى الله ، عز وجل ، يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد .( لكل أجل كتاب ) أي : لكل مدة مضروبة كتاب مكتوب بها ، وكل شيء عنده بمقدار ، ( ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك على الله يسير ) [ الحج : 70 ] .وكان الضحاك بن مزاحم يقول في قوله : ( لكل أجل كتاب ) أي : لكل كتاب أجل يعني لكل كتاب أنزله من السماء مدة مضروبة عند الله ومقدار معين ، فلهذا يمحو ما يشاء منها ويثبت ، يعني حتى نسخت كلها بالقرآن الذي أنزله الله على رسوله ، صلوات الله وسلامه عليه .

الترجمة الإنجليزية

Yamhoo Allahu ma yashao wayuthbitu waAAindahu ommu alkitabi

وقوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) اختلف المفسرون في ذلك ، فقال الثوري ، ووكيع ، وهشيم ، عن ابن أبي ليلى ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يدبر أمر السنة ، فيمحو ما يشاء ، إلا الشقاء والسعادة ، والحياة والموت . وفي رواية : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) قال : كل شيء إلا الحياة والموت ، والشقاء والسعادة فإنهما قد فرغ منهما .وقال مجاهد : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت ) إلا الحياة والموت ، والشقاء والسعادة ، فإنهما لا يتغيران .وقال منصور : سألت مجاهدا فقلت : أرأيت دعاء أحدنا يقول : اللهم ، إن كان اسمي في السعداء فأثبته فيهم ، وإن كان في الأشقياء فامحه عنهم واجعله في السعداء . فقال : حسن . ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر ، فسألته عن ذلك ، فقال : ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم ) [ الدخان : 3 ، 4 ] قال : يقضي في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة ، ثم يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، فأما كتاب الشقاوة والسعادة فهو ثابت لا يغير .وقال الأعمش ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة : إنه كان يكثر أن يدعو بهذا الدعاء : اللهم ، إن كنت كتبتنا أشقياء فامحه ، واكتبنا سعداء ، وإن كنت كتبتنا سعداء فأثبتنا ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب . رواه ابن جرير .وقال ابن جرير أيضا : حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا معاذ بن هشام ، حدثني أبي ، عن أبي حكيمة عصمة ، عن أبي عثمان النهدي; أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال وهو يطوف بالبيت وهو يبكي : اللهم ، إن كنت كتبت علي شقوة أو ذنبا فامحه ، فإنك تمحو ما تشاء وتثبت ، وعندك أم الكتاب ، فاجعله سعادة ومغفرة .وقال حماد عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة عن ابن مسعود أنه كان يدعو بهذا الدعاء أيضا .ورواه شريك ، عن هلال بن حميد ، عن عبد الله بن عكيم ، عن ابن مسعود ، بمثله .وقال ابن جرير : حدثني المثنى ، حدثنا حجاج ، حدثنا خصاف ، عن أبي حمزة ، عن إبراهيم; أن كعبا قال لعمر بن الخطاب : يا أمير المؤمنين ، لولا آية في كتاب الله لأنبأتك بما هو كائن إلى يوم القيامة . قال : وما هي ؟ قال : قول الله تعالى : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) .ومعنى هذه الأقوال : أن الأقدار ينسخ الله ما يشاء منها ، ويثبت منها ما يشاء ، وقد يستأنس لهذا القول بما رواه الإمام أحمد :حدثنا وكيع ، حدثنا سفيان ، وهو الثوري ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عبد الله بن أبي الجعد ، عن ثوبان قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ، ولا يرد القدر إلا الدعاء ، ولا يزيد في العمر إلا البر " .ورواه النسائي وابن ماجه ، من حديث سفيان الثوري ، به .وثبت في الصحيح أن صلة الرحم تزيد في العمر وفي الحديث الآخر : " إن الدعاء والقضاء ليعتلجان بين السماء والأرض " .وقال ابن جرير : حدثني محمد بن سهل بن عسكر ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس قال : إن لله لوحا محفوظا مسيرة خمسمائة عام ، من درة بيضاء لها دفتان من ياقوت - والدفتان لوحان - لله ، عز وجل [ كل يوم ثلاثمائة ] وستون لحظة ، يمحو ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب .وقال الليث بن سعد ، عن زياد بن محمد ، عن محمد بن كعب القرظي ، عن فضالة بن عبيد ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " [ إن الله ] يفتح الذكر في ثلاث ساعات يبقين من الليل ، في الساعة الأولى منها ينظر في الذكر الذي لا ينظر فيه أحد غيره ، فيمحو ما يشاء ويثبت " . وذكر تمام الحديث . رواه ابن جرير .وقال الكلبي : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت ) قال : يمحو من الرزق ويزيد فيه ، ويمحو من الأجل ويزيد فيه . فقيل له : من حدثك بهذا ؟ فقال : أبو صالح ، عن جابر بن عبد الله بن رئاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم سئل بعد ذلك عن هذه الآية فقال : يكتب القول كله ، حتى إذا كان يوم الخميس ، طرح منه كل شيء ليس فيه ثواب ولا عقاب ، مثل قولك : أكلت وشربت ، دخلت وخرجت ونحوه من الكلام ، وهو صادق ، ويثبت ما كان فيه الثواب ، وعليه العقاب .وقال عكرمة ، عن ابن عباس : الكتاب كتابان : فكتاب يمحو الله منه ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب .وقال العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) يقول : هو الرجل يعمل الزمان بطاعة الله ، ثم يعود لمعصية الله فيموت على ضلالة ، فهو الذي يمحو ، والذي يثبت : الرجل يعمل بمعصية الله ، وقد كان سبق له خير حتى يموت وهو في طاعة الله ، وهو الذي يثبت .وروي عن سعيد بن جبير : أنها بمعنى : ( فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير ) [ البقرة : 284 ] .وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) يقول : يبدل ما يشاء فينسخه ، ويثبت ما يشاء فلا يبدله ، ( وعنده أم الكتاب ) يقول : وجملة ذلك عنده في أم الكتاب ، الناسخ والمنسوخ ، وما يبدل ، وما يثبت كل ذلك في كتاب .وقال قتادة في قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) كقوله ( ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ) [ البقرة : 106 ]وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ( يمحو الله ما يشاء ويثبت ) قال : قالت كفار قريش حين أنزلت : ( وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله ) ما نراك يا محمد تملك من شيء ، ولقد فرغ من الأمر . فأنزلت هذه الآية تخويفا ، ووعيدا لهم : إنا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما شئنا ، ونحدث في كل رمضان ، فنمحو ونثبت ما نشاء من أرزاق الناس ومصائبهم ، وما نعطيهم ، وما نقسم لهم .وقال الحسن البصري : ( يمحو الله ما يشاء ) قال : من جاء أجله ، فذهب ، ويثبت الذي هو حي يجري إلى أجله .وقد اختار هذا القول أبو جعفر بن جرير ، رحمه الله .وقوله : ( وعنده أم الكتاب ) قال : الحلال والحرام .وقال قتادة : أي جملة الكتاب وأصله .وقال الضحاك : ( وعنده أم الكتاب ) قال : كتاب عند رب العالمين .وقال سنيد بن داود ، حدثني معتمر ، عن أبيه ، عن سيار ، عن ابن عباس; أنه سأل كعبا عن " أم الكتاب " ، فقال : علم الله ، ما هو خالق ، وما خلقه عاملون ، ثم قال لعلمه : " كن كتابا " . فكانا كتابا .وقال ابن جرير ، عن ابن عباس : ( وعنده أم الكتاب ) قال : الذكر ، [ والله أعلم ] .

الترجمة الإنجليزية

Wain ma nuriyannaka baAAda allathee naAAiduhum aw natawaffayannaka fainnama AAalayka albalaghu waAAalayna alhisabu

يقول تعالى لرسوله : ( وإن ما نرينك ) يا محمد ( بعض الذي نعدهم ) أي : نعد أعداءك من الخزي والنكال في الدنيا ، ( أو نتوفينك ) [ أي ] قبل ذلك ، ( فإنما عليك البلاغ ) أي : إنما أرسلناك لتبلغهم رسالة الله وقد بلغت ما أمرت به ، ( وعلينا الحساب ) أي : حسابهم وجزاؤهم ، كما قال تعالى : ( فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمصيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم ) [ الغاشية : 21 - 26 ] .

الترجمة الإنجليزية

Awalam yaraw anna natee alarda nanqusuha min atrafiha waAllahu yahkumu la muAAaqqiba lihukmihi wahuwa sareeAAu alhisabi

وقوله : ( أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها ) قال ابن عباس : أو لم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض ؟وقال في رواية : أو لم يروا إلى القرية تخرب ، حتى يكون العمران في ناحية ؟وقال مجاهد وعكرمة : ( ننقصها من أطرافها ) قال : خرابها .وقال الحسن والضحاك : هو ظهور المسلمين على المشركين .وقال العوفي عن ابن عباس : نقصان أهلها وبركتها .وقال مجاهد : نقصان الأنفس والثمرات وخراب الأرض .وقال الشعبي : لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك ، ولكن تنقص الأنفس والثمرات . وكذا قال عكرمة : لو كانت الأرض تنقص لم تجد مكانا تقعد فيه ، ولكن هو الموت .وقال ابن عباس في رواية : خرابها بموت فقهائها وعلمائها وأهل الخير منها . وكذا قال مجاهد أيضا : هو موت العلماء .وفي هذا المعنى روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة أحمد بن عبد العزيز أبي القاسم المصري الواعظ سكن أصبهان ، حدثنا أبو محمد طلحة بن أسد المرئي بدمشق ، أنشدنا أبو بكر الآجرى بمكة قال : أنشدنا أحمد بن غزال لنفسه :الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بهاوإن أبى عاد في أكنافها التلفوالقول الأول أولى ، وهو ظهور الإسلام على الشرك قرية بعد قرية ، [ وكفرا بعد كفر ، كما قال تعالى : ( ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى ) [ الأحقاف : 27 ] الآية ، وهذا اختيار ابن جرير ، رحمه الله ]

الترجمة الإنجليزية

Waqad makara allatheena min qablihim falillahi almakru jameeAAan yaAAlamu ma taksibu kullu nafsin wasayaAAlamu alkuffaru liman AAuqba alddari

يقول : ( وقد مكر الذين من قبلهم ) برسلهم ، وأرادوا إخراجهم من بلادهم ، فمكر الله بهم ، وجعل العاقبة للمتقين ، كما قال تعالى : ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ) [ الأنفال : 30 ] وقال تعالى : ( ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا ) الآية [ النمل : 50 - 52 ] .وقوله : ( يعلم ما تكسب كل نفس ) أي : إنه تعالى عالم بجميع السرائر والضمائر ، وسيجزي كل عامل بعمله .( وسيعلم الكافر ) وقرئ : ( الكفار ) ( لمن عقبى الدار ) أي : لمن تكون الدائرة والعاقبة ، لهم أو لأتباع الرسل ؟ كلا بل هي لأتباع الرسل في الدنيا والآخرة ، ولله الحمد والمنة .
254