سورة الرحمن: الآية 2 - علم القرآن...

تفسير الآية 2, سورة الرحمن

عَلَّمَ ٱلْقُرْءَانَ

الترجمة الإنجليزية

AAallama alqurana

تفسير الآية 2

الرحمن علَّم الإنسان القرآن؛ بتيسير تلاوته وحفظه وفهم معانيه.

«علَّم» من شاء «القرآن».

فذكر أنه عَلَّمَ الْقُرْآنَ أي: علم عباده ألفاظه ومعانيه، ويسرها على عباده، وهذا أعظم منة ورحمة رحم بها عباده، حيث أنزل عليهم قرآنا عربيا بأحسن ألفاظ، وأحسن تفسير، مشتمل على كل خير، زاجر عن كل شر.

يخبر تعالى عن فضله ورحمته بخلقه : أنه أنزل على عباده القرآن ويسر حفظه وفهمه على من رحمه ، فقال : ( الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان ) قال الحسن : يعني : النطق . وقال الضحاك ، وقتادة ، وغيرهما : يعني الخير والشر . وقول الحسن هاهنا أحسن وأقوى ; لأن السياق في تعليمه تعالى القرآن ، وهو أداء تلاوته ، وإنما يكون ذلك بتيسير النطق على الخلق وتسهيل خروج الحروف من مواضعها من الحلق واللسان والشفتين ، على اختلاف مخارجها وأنواعها .

ثم بين- سبحانه- مظاهر قدرته ومنته على عباده بأجل النعم وأعظمها شأنا، فقال:عَلَّمَ الْقُرْآنَ والقرآن هو أعظم وحى أنزله- سبحانه- على أنبيائه ورسله.أى: علم نبيه صلى الله عليه وسلم القرآن الذي هو أعظم النعم شأنا وأرفعها مكانا، إذ باتباع توجيهاته وإرشاداته، يظفر الإنسان بالسعادة الدنيوية والأخروية.ولفظ الْقُرْآنَ هو المفعول الثاني لعلم، والمفعول الأول محذوف.وهذه الآية الكريمة تتضمن الرد على المشركين الذين زعموا أن هذا القرآن قد تعلمه الرسول صلى الله عليه وسلم من البشر، كما حكى- سبحانه- عنهم في قوله: وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ .. .وفي قوله: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذا إِلَّا إِفْكٌ افْتَراهُ وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ... .كما تتضمن الرد عليهم لزعمهم أنهم لا يعرفون الرحمن، كما في قوله- تعالى-: وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ ... .

" علم القرآن "، قال الكلبي : علم القرآن محمداً. وقيل: ((علم القرآن)) يسره للذكر.

أي علمه نبيه صلى الله عليه وسلم حتى أداه إلى جميع الناس .وأنزلت حين قالوا : وما الرحمن ؟ وقيل : نزلت جوابا لأهل مكة حين قالوا : إنما يعلمه بشر وهو رحمن اليمامة , يعنون مسيلمة الكذاب , فأنزل الله تعالى : " الرحمن .علم القرآن " .وقال الزجاج : معنى " علم القرآن " أي سهله لأن يذكر ويقرأ كما قال : " ولقد يسرنا القرآن للذكر " [ القمر : 17 ] .وقيل : جعله علامة لما تعبد الناس به .

ورُوي عن قتادة في ذلك ما حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن مروان العقيلي، قال: ثنا أبو العوام العجلي، عن قتادة أنه قال: في تفسير ( الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ) قال: نعمة والله عظيمة.

عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2(عن جملة { علم القرآن } خلاف مقتضى الظاهر لنكتة التعديد للتبكيت .وعطف عليها أربعة أُخر بحرف العطف من قوله : { والنجم والشجر يسجدان } إلى قوله : { والأرض وضعها للأنام } [ الرحمن : 6 10 ] وكلها دالة على تصرفات الله ليعلمهم أن الاسم الذي استنكروه هو اسم الله وأن المسمى واحد .وجيء بالمسند فعلاً مؤخراً عن المسند إليه لإِفادة التخصيص ، أي هو علَّم القرآن لا بشرٌ علمه وحذف المفعول الأول لفعل { علم القرآن } لظهوره ، والتقدير : علّم محمداً صلى الله عليه وسلم لأنهم ادعوا أنه معلَّم وإنما أنكروا أن يكون معلِّمه القرآن هو الله تعالى وهذا تبكيت أول .وانتصب { القرآن } على أنه مفعول ثان لفعل { علم } ، وهذا الفعل هنا معدَى إلى مفعولين فقط لأنه ورد على أصل ما يفيده التضعيف من زيادة مفعول آخر مع فاعل فعلِه المجرد ، وهذا المفعول هنا يصلح أن يتعلق به التعليم إذ هو اسم لشيء متعلق به التعليم وهو القرآن ، فهو كقول معن بن أوس :أعلِّمه الرماية كلَّ يوموقوله تعالى : { وإذ علمتك الكتاب } في سورة العقود ( 110 ( وقوله : { وما علمناه الشعر } في سورة يس ( 69 ( ، ولا يقال : علّمته زيداً صديقاً ، وإنما يقال : أعلمته زيداً صديقاً ، ففعل عَلِم إذا ضُعّف كان بمعنى تحصيل التعليم بخلافه إذ عُدّي بالهمزة فإنه يكون لتحصيل الإِخبار والإِنباء .وقد عدد الله في هذه السورة نعماً عظيمة على الناس كلهم في الدنيا ، وعلى المؤمنين خاصة في الآخرة وقدم أعظمها وهو نعمة الدين لأن به صلاح الناس في الدنيا ، وباتباعهم إياه يحصل لهم الفوز في الآخرة . ولما كان دين الإسلام أفضل الأديان ، وكان هو المنزّل للناس في هذا الإِبَّان ، وكان متلقى من أفضل الوحي والكتب الإِلهية وهو القرآن ، قدمه في الإِعلام وجعله مؤذناً بما يتضمنه من الدين ومشيراً إلى النعم الحاصلة بما بين يديه من الأديان كما قال : { هذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه } [ الأنعام : 92 ] .ومناسبة اسم { الرحمن } لهذه الاعتبارات منتزعة من قوله : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } [ الأنبياء : 107 ] .و { القرآن } : اسم غلب على الوحي اللفظي الذي أوحي به إلى محمد صلى الله عليه وسلم للإِعجاز بسورة منه وتعبُّد ألفاظه .
الآية 2 - سورة الرحمن: (علم القرآن...)