سورة التكاثر: الآية 7 - ثم لترونها عين اليقين...

تفسير الآية 7, سورة التكاثر

ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ

الترجمة الإنجليزية

Thumma latarawunnaha AAayna alyaqeeni

تفسير الآية 7

ما هكذا ينبغي أن يلهيكم التكاثر بالأموال، لو تعلمون حق العلم لانزجرتم، ولبادرتم إلى إنقاذ أنفسكم من الهلاك. لتبصرُنَّ الجحيم، ثم لتبصرُنَّها دون ريب، ثم لتسألُنَّ يوم القيامة عن كل أنواع النعيم.

«ثم لترونها» تأكيد «عين اليقين» مصدر لأن رأى وعاين بمعنى واحد.

ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ أي: رؤية بصرية، كما قال تعالى: وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا .

ثم قال " لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين " هذا تفسير الوعيد المتقدم وهو قوله " كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون " توعدهم بهذا الحال وهو رؤية أهل النار التي إذا زفرت زفرة واحدة خر كل ملك مقرب ونبي مرسل على ركبتييه من المهابة ولعظمه ومعاينة الأهوال على ما جاء به الأثر المروي في ذلك.

ثم أكد- سبحانه- هذا المعنى تأكيدا قويا فقال: ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ أى: ثم لترون الجحيم رؤية هي ذات اليقين ونفسه وعينه، وذلك بأن تشاهدوها مشاهدة حقيقية، بحيث لا يلتبس عليكم أمرها.وقد قالوا إن مراتب العلم ثلاثة: علم اليقين وهو ما كان ناتجا عن الأدلة والبراهين.وعين اليقين: وهو ما كان عن مشاهدة وانكشاف.وحق اليقين: وهو ما كان عن ملابسة ومخالطة.ومثال ذلك أن تعلم بالأدلة أن الكعبة موجودة، فذلك علم اليقين، فإذا رأيتها بعينيك فذلك عين اليقين، فإذا ما دخلت في جوفها فذلك حق اليقين ...فأنت ترى أنه- سبحانه- قد حذر الناس من الاشتغال عن طاعته، ومن التباهي والتكاثر، بأبلغ أساليب التأكيد وأقواها.

"ثم لترونها"، مشاهدة، "عين اليقين".

ثم لترونها عين اليقين أي مشاهدة . وقيل : هو إخبار عن دوام مقامهم في النار ; أي هي رؤية دائمة متصلة . والخطاب على هذا للكفار . وقيل : معنى لو تعلمون علم اليقين أي لو تعلمون اليوم في الدنيا علم اليقين فيما أمامكم ، مما وصفت : لترون الجحيم بعيون قلوبكم ; فإن علم اليقين يريك الجحيم بعين فؤادك ; وهو أن تتصور لك تارات القيامة ، وقطع مسافاتها . ثم لترونها عين اليقين : أي عند المعاينة بعين الرأس ، فتراها يقينا ، لا تغيب عن عينك . ثم لتسألن يومئذ عن النعيم : في موقف السؤال والعرض .

حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: ( ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ ) يعني: أهل الشرك.

ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ (7)يَرى غمراتتِ الموْتتِ ثُمَّ يَزُورُها ... وأُكد ذلك بقوله : { ثم لترونها عين اليقين } قصداً لتحقيق الوعيد بمعناه الكنائي . وقد عطف هذا التأكيد ب { ثم } التي هي للتراخي الرتبي على نحو ما قررنَاهُ آنفاً في قوله : { ثم كلا سوف تعلمون } [ التكاثر : 4 ] ، وليس هنالك رؤيتان تقع إحداهما بعد الأخرى بمُهلة .و { عينَ اليقين } : اليقين الذي لا يشوبه تردد . فلفظ عين مجاز عن حقيقة الشيء الخالصة غير الناقصة ولا المشابهة .وإضافة { عين } إلى { اليقين } بيانية كإضافة { حق } إلى { اليقين } في قوله تعالى : { إن هذا لهو حق اليقين } [ الواقعة : 95 ] .وانتصب { عين } على النيابة عن المفعول المطلق لأنه في المعنى صفة لمصدر محذوف ، والتقدير . ثم لترونها رؤيةَ عين اليقين .وقرأه الجمهور : { لترون الجحيم } بفتح المثناة الفوقية ، وقرأه ابن عامر والكسائي بضم المثناة من ( أراه ) .وأمَّا { لترونها } فلم يختلف القراء في قراءته بفتح المثناة .وأشار في «الكشاف» إلى أن هذه الآيات المفتتحة بقوله : { كلا سوف تعلمون } [ التكاثر : 3 ] والمنتهية بقوله : { عين اليقين } ، اشتملت على وجوه من تقوية الإِنذار والزجر ، فافتتحت بحرف الردع والتنبيه ، وجيء بعده بحرف { ثم } الدال على أن الإِنذار الثاني أبلغ من الأول . وكرر حرف الردع والتنبيه ، وحُذف جواب { لو تعلمون } [ التكاثر : 5 ] لما في حذفه من مبالغة التهويل ، وأُتي بلام القسم لتوكيد الوعيد . وأكد هذا القسم بقسم آخر ، فهذه ستة وجوه .وأقول زيادة على ذلك : إن في قوله : { عين اليقين } تأكيدين للرؤية بأنها يقين وأن اليقين حقيقة . والقول في إضافة { عين اليقين } كالقول في إضافة { علم اليقين } [ التكاثر : 5 ] المذكور آنفاً .
الآية 7 - سورة التكاثر: (ثم لترونها عين اليقين...)