سورة التكوير: الآية 21 - مطاع ثم أمين...

تفسير الآية 21, سورة التكوير

مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ

الترجمة الإنجليزية

MutaAAin thamma ameenin

تفسير الآية 21

أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارًا، الجارية والمستترة في أبراجها، والليل إذا أقبل بظلامه، والصبح إذا ظهر ضياؤه، إن القرآن لَتبليغ رسول كريم- هو جبريل عليه السلام-، ذِي قوة في تنفيذ ما يؤمر به، صاحبِ مكانة رفيعة عند الله، تطيعه الملائكة، مؤتمن على الوحي الذي ينزل به.

«مطاع ثَمَّ» تطيعه الملائكة في السماوات «أمين» على الوحي.

مُطَاعٍ ثَمَّ أي: جبريل مطاع في الملأ الأعلى، لديه من الملائكة المقربين جنود، نافذ فيهم أمره، مطاع رأيه، أَمِينٍ أي: ذو أمانة وقيام بما أمر به، لا يزيد ولا ينقص، ولا يتعدى ما حد له، وهذا [كله] يدل على شرف القرآن عند الله تعالى، فإنه بعث به هذا الملك الكريم، الموصوف بتلك الصفات الكاملة. والعادة أن الملوك لا ترسل الكريم عليها إلا في أهم المهمات، وأشرف الرسائل.

( مطاع ثم ) أي له وجاهة وهو مسموع القول مطاع في الملأ الأعلىقال قتادة ( مطاع ثم ) أي في السموات ، يعني ليس هو من أفناد الملائكة بل هو من السادة والأشراف معتنى به انتخب لهذه الرسالة العظيمةوقوله : ( أمين ) صفة لجبريل بالأمانة وهذا عظيم جدا أن الرب عز وجل يزكي عبده ورسوله الملكي جبريل كما زكى عبده ورسوله البشري محمدا صلى الله عليه وسلم بقوله ( وما صاحبكم بمجنون )

رابعها: قوله- تعالى- مُطاعٍ أى يطيعه من معه من الملائكة المقربين.وخامسها: قوله: - سبحانه- ثَمَّ أَمِينٍ و «ثم» بفتح الثاء- ظرف مكان للبعيد. والعامل ما قبله أو ما بعده، والمعنى: أنه مطاع في السموات عند ذي العرش، أو أمين فيها، أى: يؤدى ما كلفه الله- تعالى- به بدون أية زيادة أو نقص.قال الشوكانى: ومن قال إن المراد بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم فالمعنى: أنه ذو قوة على تبليغ الرسالة إلى الأمة، مطاع يطيعه من أطاع الله، أمين على الوحى.

( مطاع ثم ) أي في [ السماوات ] تطيعه الملائكة ، ومن طاعة الملائكة إياه أنهم فتحوا أبواب السماوات ليلة المعراج بقوله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفتح خزنة الجنة أبوابها بقوله ، ( أمين ) على وحي الله ورسالته إلى أنبيائه .

مطاع أي في السماوات ; قال ابن عباس : من طاعة الملائكة جبريل ، أنه لما أسري برسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال جبريل - عليه السلام - لرضوان خازن الجنان : افتح له ، ففتح ، فدخل ورأى ما فيها ، وقال لمالك خازن النار : افتح له جهنم حتى ينظر إليها ، فأطاعه وفتح له .( أمين ) أي مؤتمن على الوحي الذي يجيء به . ومن قال : إن المراد محمد - صلى الله عليه وسلم - فالمعنى ( ذي قوة ) على تبليغ الرسالة مطاع أي يطيعه من أطاع الله جل وعز .

القول في تأويل قوله تعالى : مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)يقول تعالى ذكره: ( مُطَاعٍ ثَمَّ ) يعني جبريل صلى الله عليه وسلم ، مطاع في السماء تطيعه الملائكة ( أمِينٍ ) يقول: أمين عند الله على وحيه ورسالته وغير ذلك مما ائتمنه عليه.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك:حدثني أبو السائب، قال: ثنا عمر بن شبيب المسلي، عن إسماعيل بن أبي خالد. عن أبي صالح: ( مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) قال جبريل عليه السلام ، أمين على أن يدخل سبعين سرادقا من نور بغير إذن .حدثنا محمد بن منصور الطوسي، قال: ثنا عمر بن شبيب، قال: ثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: لا أعلمه إلا عن أبي صالح، مثله.حدثنا سليمان بن عمر بن خالد الأقطع، قال: ثني أبي عمر بن خالد، عن معقل بن عبيد الله الجزري، قال: قال ميمون بن مِهْران في قوله: ( مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) قال: ذاكم جبريل عليه السلام .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله: ( ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) قال: يعني جبريل .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ( ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ * مُطَاعٍ ) مطاع عند الله ( ثَمَّ أَمِينٍ ) .حُدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: ( مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ) يعني: جبريل عليه السلام .

مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21)وأما بالنسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فللإِشارة إلى عظيم شأنه إذ كان ذا قوة عند أعظم موجود شأناً .الوصف الرابع : { مطاع } أن يطيعه من معه من الملائكة كما يطيع الجيش قائدهم ، أو النبي صلى الله عليه وسلم مطاع : أي مأمور الناسُ بطاعة ما يأمرهم به .و { ثَمَّ } بفتح الثاء اسم إشارة إلى المكان ، والمشار إليه هو المكان المجازي الذي دلّ عليه قوله : { عند ذي العرش } فيجوز تعلق الظرف ب { مطاع } وهو أنسب لإجراء الوصف على جبريل ، أي مطاع في الملأ الأعلى فيما يأمر به الملائكة والنبي صلى الله عليه وسلم مطاعٌ في العالم العلوي ، أي مقرَّر عند الله أن يطاع فيما يأمر به .ويجوز أن يتعلق ب { أمين } ، وتقديمه على متعلَّقه للاهتمام بذلك المكان ، فوصف جبريل به ظاهر أيضاً ، ووصف النبي صلى الله عليه وسلم به لأنه مقررةٌ أمانته في الملأ الأعلى .والأمين : الذي يحفظ ما عُهد له به حتى يؤدّيه دون نقص ولا تغيير ، وهو فعيل إما بمعنى مفعول ، أي مأمون من أمنه على كذا . وعلى هذا يقال : امرأة أمين ، ولا يقال : أمينة ، وإما صِفة مشبهة من أمُن بضم الميم إذا صارت الأمانة سجيته ، وعلى هذا الوجه يقال : امرأة أمينة ، ومنه قول الفقهاء في المرأة المشتكية أضرار زوجها : يجعلان عند أمينة وأمين .
الآية 21 - سورة التكوير: (مطاع ثم أمين...)