سورة التكوير: الآية 7 - وإذا النفوس زوجت...

تفسير الآية 7, سورة التكوير

وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتْ

الترجمة الإنجليزية

Waitha alnnufoosu zuwwijat

تفسير الآية 7

إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها، وإذا النجوم تناثرت، فذهب نورها، وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا، وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت، وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض، وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد، وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها: بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.

«وإذا النفوس زوجت» قرنت بأجسادها.

وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ أي: قرن كل صاحب عمل مع نظيره، فجمع الأبرار مع الأبرار، والفجار مع الفجار، وزوج المؤمنون بالحور العين، والكافرون بالشياطين، وهذا كقوله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ .

وقوله ( وإذا النفوس زوجت ) أي جمع كل شكل إلى نظيره كقوله ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) الصافات : 22وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن الصباح البزار حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن النعمان بن بشير أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وإذا النفوس زوجت ) قال : الضرباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله وذلك بأن الله عز وجل يقول ( وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون ) الواقعة 7 10 ] قال هم الضرباء .ثم رواه ابن أبي حاتم من طرق أخر عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير أن عمر خطب الناس فقرأ ( وإذا النفوس زوجت ) فقال : تزوجها أن تؤلف كل شيعة إلى شيعتهم وفي رواية هما الرجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنة أو النار .وفي رواية عن النعمان قال سئل عمر عن قوله تعالى ( وإذا النفوس زوجت ) فقال يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار فذلك تزويج الأنفسوفي رواية عن النعمان أن عمر قال للناس ما تقولون في تفسير هذه الآية ( وإذا النفوس زوجت ) ؟ فسكتوا . قال ولكن هو الرجل يزوج نظيره من أهل الجنة والرجل يزوج نظيره من أهل النار ثم قرأ ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم )وقال العوفي عن ابن عباس في قوله ( وإذا النفوس زوجت ) قال ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثةوقال ابن أبي نجيح عن مجاهد ( وإذا النفوس زوجت ) قال الأمثال من الناس جمع بينهم وكذا قال الربيع بن خثيم والحسن وقتادة واختاره ابن جرير وهو الصحيحقول آخر في قوله ( وإذا النفوس زوجت ) قال ابن أبي حاتمحدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أحمد بن عبد الرحمن حدثني أبي عن أبيه عن أشعث بن سوار ] عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال يسيل واد من أصل العرش من ماء فيما بين الصيحتين ومقدار ما بينهما أربعون عاما فينبت منه كل خلق بلي من الإنسان أو طير أو دابة ولو مر عليهم مار قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم على الأرض قد نبتوا ثم ترسل الأرواح فتزوج الأجساد فذلك قول الله تعالى : ( وإذا النفوس زوجت )وكذا قال أبو العالية وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري أيضا في قوله ( وإذا النفوس زوجت ) أي زوجت بالأبدان . وقيل زوج المؤمنون بالحور العين وزوج الكافرون بالشياطين حكاه القرطبي في " التذكرة .

وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وقوله: زُوِّجَتْ من التزويج وهو جعل الشيء زوجا لغيره، بعد أن كان كلاهما فردا، ويطلق الزوج- أيضا- على الصنف والنوع، كما في قوله- تعالى- وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ.أى: وإذا النفوس اقترنت كل واحدة منها ببدنها، أو بمن يشبهها، أو بعملها.قال الفخر الرازي: قوله: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ فيه وجوه: أحدها: قرنت الأرواح بالأجساد.ثانيها: يصيرون فيها- أى: يوم القيامة- ثلاثة أصناف، كما قال- تعالى- وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً.ثالثها: أنه يضم إلى كل صنف من كان في طبقته، فيضم الطائع إلى مثله...

وعن ابن عباس أيضا قال : هي اثنتا عشرة خصلة ، ستة في الدنيا وستة في الآخرة ، وهي ما ذكره بقوله - عز وجل - : ( وإذا النفوس زوجت ) وروى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن هذه الآية ؟ فقال : يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة ، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار وهذا [ معنى ] قول عكرمة .وقال الحسن وقتادة : ألحق كل امرئ بشيعته ، اليهودي باليهودي والنصراني بالنصراني .قال الربيع بن خثيم : يحشر الرجل مع صاحب عمله . وقيل : زوجت النفوس بأعمالها .وقال عطاء ومقاتل : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرنت نفوس الكافرين بالشياطين .وروي عن عكرمة قال : وإذا النفوس زوجت ردت الأرواح في الأجساد .

قوله تعالى : وإذا النفوس زوجت قال النعمان بن بشير : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا النفوس زوجت قال : " يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله " . وقال عمر بن الخطاب : يقرن الفاجر مع الفاجر ، ويقرن الصالح مع الصالح . وقال ابن عباس : ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة ، السابقون زوج - يعني صنفا - وأصحاب اليمين زوج ، وأصحاب الشمال زوج . وعنه أيضا قال : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرن الكافر بالشياطين ، وكذلك المنافقون وعنه أيضا : قرن كل شكل بشكله من أهل الجنة وأهل النار ، فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله ، والمتوسط إلى مثله ، وأهل المعصية إلى مثله ; فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله ; والمعنى : وإذا النفوس قرنت إلى أشكالها في الجنة والنار . وقيل : يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من ملك وسلطان ، كما قال تعالى : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم . وقال عبد الرحمن بن زيد : جعلوا أزواجا على أشباه أعمالهم ليس بتزويج ، أصحاب اليمين زوج ، وأصحاب الشمال زوج ، والسابقون زوج ; وقد قال جل ثناؤه : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم أي أشكالهم . وقال عكرمة : وإذا النفوس زوجت قرنت الأرواح بالأجساد ; أي ردت إليها . وقال الحسن : ألحق كل امرئ بشيعته : اليهود باليهود ، والنصارى بالنصارى ، والمجوس بالمجوس ، وكل من كان يعبد شيئا من دون الله يلحق بعضهم ببعض ، والمنافقون بالمنافقين ، والمؤمنون بالمؤمنين . وقيل : يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان ، على جهة البغض والعداوة ، ويقرن المطيع بمن دعاه إلى الطاعة من الأنبياء والمؤمنين . وقيل : قرنت النفوس بأعمالها ، فصارت لاختصاصها به كالتزويج .

وقوله: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) اختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بضعهم: أُلحِقَ كلُّ إنسان بشكله، وقُرِنَ بين الضُّرَباءِ والأمثال.* ذكر من قال ذلك:حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن سماك، عن النعمان بن بشير، عن عمر رضي الله عنه ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: هما الرجلان يعمَلان العمل الواحد يدخلان به الجنة، ويدخلان به النار .حدثنا ابن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: هما الرجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنة، وقال: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ، قال: ضرباءَهم .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: هما الرجلان يعملان العمل يدخلان به الجنة أو النار .حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن سماك بن حرب أنه سمع النعمان بن بشير يقول: سمعت عمر بن الخطاب وهو يخطب، قال: وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ثم قال: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: أزواج في الجنة، وأزواج في النار .حدثنا هناد، قال: ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن النعمان بن بشير، قال: سُئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، عن قول الله: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة، وبين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار .حدثني محمد بن خلف، قال: ثنا محمد بن الصباح الدولابي، عن الوليد، عن سماك، عن النعمان بن بشير، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، والنعمان عن عمرو قال: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: الضرباء كلّ رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله، وذلك أن الله يقول: وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ * وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ * وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ قال: هم الضرباء .حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة .حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا هوذة، قال: ثنا عوف، عن الحسن، في قوله: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: ألحق كلّ امرئ بشيعته .حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: الأمثال من الناس جُمِع بينهم .حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: لحق كلُّ إنسان بشيعته، اليهود باليهود، والنصارى بالنصارى .حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع بن خثيم ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: يحشر المرء مع صاحب عمله .حدثنا ابن حميد، قال: ثنا مهران، عن سفيان، عن أبيه، عن أبي يعلى، عن الربيع،: قال: يجيء المرء مع صاحب عمله .وقال آخرون: بل عني بذلك أن الأرواح ردّت إلى الأجساد فزوّجت بها: أي جعلت لها زوجا.* ذكر من قال ذلك:حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا المعتمر، عن أبيه، عن أبي عمرو، عن عكرِمة ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: الأرواح ترجع إلى الأجساد .حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا ابن أبي عديّ، عن داود، عن الشعبيّ أنه قال في هذه الآية ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: زوّجت الأجساد فردّت الأرواح في الأجساد .حدثني عبيد بن أسباط بن محمد، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن عكرِمة ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: ردّت الأرواح في الأجساد .حدثني الحسن بن زريق الطهوي، قال: ثنا أسباط، عن أبيه، عن عكرمة، مثله.حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: أخبرنا داود، عن الشعبيّ، في قوله: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) قال: زوّجت الأرواح الأجساد .وأولى التأويلين في ذلك بالصحة، الذي تأوّله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعلة التي اعتلّ بها، وذلك قول الله تعالى ذكره: وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً ، وقوله: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وذلك لا شكّ الأمثال والأشكال في الخير والشرّ، وكذلك قوله: ( وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ ) بالقرناء والأمثال في الخير والشرّ.وحدثني مطر بن محمد الضبي، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا عبد العزيز بن مسلم القسملي عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية في قوله: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال: سيأتي أوّلها والناس ينظرون، وسيأتي آخرها إذا النفوس زوّجت .

وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (7) وقوله تعالى : { وإذا النفوس زوجت } شروع في ذكر الأحوال الحاصلة في الآخرة يوم القيامة وقد انتقل إلى ذكرها لأنها تحصل عقب الستة التي قبلها وابتدىء بأولها وهو تزويج النفوس ، والتزويج : جعل الشيء زوجاً لغيره بعد أن كان كلاهما فرداً ، والتزويج أيضاً : جعل الأشياء أنواعاً متماثلة قال تعالى : { ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين } [ الرعد : 3 ] لأن الزوج يطلق على النوع والصنف من الأشياء والنفوس : جمع نفس ، والنفس يطلق على الروح ، قال تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك } [ الفجر : 27 ، 28 ] وقال : { أخرجوا أنفسكم } [ الأنعام : 93 ] .وتطلق النفس على ذات الإنسان قال تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق } [ الأنعام : 151 ] وقال : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } [ الجمعة : 2 ] وقال : { فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم } [ النور : 61 ] أي فليسلم الداخل على أمثاله من الناس .فيجوز أن يكون معنى النفوس هنا الأرواح ، أي تزوج الأرواح بالأجساد المخصصة لها فيصير الروح زَوجاً مع الجسد بعد أن كان فرداً لا جسم له في برزخ الأرواح ، وكانت الأجساد بدون أرواح حين يعاد خلقها ، أي وإذا أعطيت الأرواح للأجساد . وهذا هو البعث وهوالمعنى المتبادر أولاً ، وروي عن عكرمة .ويجوز أن يكون المعنى وإذا الأشخاص نُوعت وصنفت فجعلت أصنافاً : المؤمنون ، والصالحون ، والكفار ، والفجار ، قال تعالى : { وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون } [ الواقعة : 7 10 ] الآية .ولعل قصد إفادة هذا التركيب لهاذين المعنيين هو مقتضِيَ العدول عن ذكر ما زُوجت النفوس به . وأول منازل البعث اقتران الأرواح بأجسادها ، ثم تقسيم الناس إلى مراتبهم للحشر ، كما قال تعالى : { ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } [ الزمر : 68 ] ثم قال : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً } [ الزمر : 71 ] ثم قال : { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً } [ الزمر : 73 ] الآية .وقد ذكروا معاني أخرى لتزويج النفوس في هذه الآية غير مناسبة للسياق .وبمناسبة ذكر تزويج النفوس بالأجساد خص سؤال الموءودة بالذكر دون غيره مما يُسأل عنه المجرمون يوم الحساب . ذلك لأن إعادة الأرواح إلى الأجساد كان بعد مفارقتها بالموت ، والموت إما بعارض جسدي من انحلال أو مرض وإما باعتداء عدواني من قتل أو قتال ، وكان من أفظع الاعتداء على إزهاق الأرواح من أجسادها اعتداء الآباء على نفوس أطفالهم بالوأد ، فإن الله جعل في الفطرة حرص الآباء على استحياء أبنائهم وجعل الأبوين سبب إيجاد الأبناء ، فالوأْد أفظع أعمال أهل الشرك وسؤال الموءودة سؤال تعريضي مراد منه تهديد وائدها وَرُعْبِهِ بالعذاب .وظاهر الآية أن سؤال الموءودة وعقوبة من وأدها أول ما يُقْضَى فيه يوم القيامة كما يقتضي ذلك جعلُ هذا السؤال وقتاً تعلم عنده كل نفس ما أحضرت فهو من أول ما يعلم به حين الجزاء .والوأْدُ : دفن الطفلة وهي حيّة : قيل هو مقلوب آداه ، إذا أثقله لأنه إثقال الدفينة بالتراب .قال في «الكشاف» : «كانَ الرجل إذا وُلدت له بنت فأراد أن يستحييها ألبسها جبة من صوف أو شعر تَرعَى له الإبل والغنم في البادية ، وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية يقول لأمها طيّبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها وقد حفر لها بئراً في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها : انظري فيها ثم يدفَعُها من خَلْفها ويُهيل عليها التراب حتى تستوي البئر بالأرض . وقيل : كانت الحامل إذا أقربت حفرت حفرة فتمخضت على رأس الحفرة فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة وإن ولدت ابناً حبسته ا ه .
الآية 7 - سورة التكوير: (وإذا النفوس زوجت...)